IMLebanon

فساد وليد جنبلاط من رفيق الحريري إلى نهاد المشنوق

»لقد انفلقنا»؛ هذه الجملة ليست لنا، بل لمصدر وزاري محسوب على الرئيس رفيق الحريري صرّح بها في تموز العام 1998 بعد ردٍّ عنيف من المكتب الإعلامي للرئيس رفيق الحريري على «سياسة الابتزاز» التي مارسها وليد جنبلاط على حكومات الرئيس الحريري والتي أمعن خلالها في نهب أموال عودة المهجرين!!

بالتأكيد ربما لا يذكر الوزير وائل أبو فاعور هذا الردّ ولا كيف كشف رفيق الحريري ابتزاز وليد جنبلاط وفساده، وقد يكون من المفيد إنعاش ذاكرة القارىء أوّلاً وذاكرة النائب وليد جنبلاط والوزير وائل أبو فاعور ثانياً، والعودة بالتاريخ إلى الأحد 5 تموز 1998 عندما هاجم وليد جنبلاط في مؤتمر عودة المهجرين الذي عقده البيْك في قصر بيت الدّين «المحتل» من قبله آنذاك، والذي اتهم فيه الرئيس الحريري ـ رحمه الله ـ بـ»ابتلاع البشر والحجر وبالمذهبية والفرعونية» وسواها!!

يومها ـ وما أشبه اليوم بالأمس ـ كان وليد جنبلاط يُريد أمريْن: المال ومعركة الانتخابات البلدية، فقد كان جنبلاط منزعجاً من «الدخول السياسي للرئيس رفيق الحريري إلى بعض قرى إقليم الخروب»، ولأنّ التاريخ يُعيد نفسه، في الــ 1998 كان جنبلاط يظنّ أنّ من حقّه الطبيعي وضع يده على قرى إقليم الخروب السُنيّة بفضل نظام الوصاية، مثلما ظنّ في انتخابات العام 2009 أنّ من حقّه الطبيعي وضع يده على القرى المسيحيّة في إقليم الخروب والشوف، ومثلما يظنّ في العام 2016 أنّه من حقّه الطبيعي أن يُورّث كلّ هذا لولده تيمور و»على حياة عينو»!!

في 5 تموز من العام 1998 ردّ المكتب الإعلامي للرئيس رفيق الحريري على وليد جنبلاط بعنف ووضوح، ومما جاء في ذلك البيان: «إذا كانت عودة المهجرين قد تأخرت فالسبب لم يكن يوما تقصيراً حكومياً في القرار أو في التنفيذ، بل هو عائد إلى مواقف الوزير جنبلاط نفسه وتصريحاته التي استعمل فيها لغة الحرب واستثارة الغرائز وتحريك النعرات المذهبية (…) إنّ مرحلة الهدر في وزارة المهجرين انتهت، وإنّ صندوق المهجرين ليس وسيلة انتفاع للانصار والأزلام والمقربين أو أداة عقوبة للخصوم والمنافسين. وطالب المكتب الوزير جنبلاط أن يحدد علناً من هو المهجر الذي تنطبق عليه هذه الصفة ليستحقّ التعويض، وما هو وضع أزلامه ومحازبيه في جداول الوزارة والصندوق. متهماً جنبلاط بأنه هو الذي منع تشكيل المجلس الوطني للمهجرين كي يتهرّب من الرقابة، معتبراً أن جنبلاط لا يطالب بالمال فحسب بل يريد ارتهان مناطق وأقاليم له ولورثته من بعده مقابل إعادة بعض المهجرين خفيضي الرؤوس ومطأطئين في خدمته، وهو لا يزال حتى الآن يحول دون عودة رئيس الجمهورية إلى مقره الصيفي في بيت الدين الذي لا يزال يعتبره من مغانم الحرب»؛ ونكتفي بهذا القدر من ذلك البيان الشهير…

هذا هو وليد جنبلاط أحد أكبر وأعتى رموز الفساد في تاريخ لبنان «يريد ارتهان مناطق وأقاليم له ولورثته من بعده»، هكذا بالتأكيد عرفه الرئيس رفيق الحريري، وهكذا ربما عرفه نهاد المشنوق يوم كان مستشاراً للرئيس الراحل… «سياسة الابتزاز»، وللنائب وليد جنبلاط باعٌ طويل في ممارسة هذه السياسة، والهجوم الذي شنّه بالأمس الوزير وائل أبو فاعور على الوزير نهاد المشنوق متهماً إياه بـ»الفساد» مثير للسخرية، وهو «كلام غوغائي» اعتدنا عليه من جنبلاط وأزلامه، خصوصاً عندما يكون للبيْك طلبٌ رُفِضَتْ تلبيته، وهنا نريد أن نسأل: ما هو يا ترى الطلب الذي قصد بسببه وليد جنبلاط الوزير نهاد المشنوق، ورفض المشنوق تلبيته للبيْك، حتى جُنّ جنون حملاته، ووزرائه للضغط على المشنوق علّ وعسى!!

للتذكير فقط؛ في شهر آذار الماضي شنّ وليد جنبلاط حملة مماثلة عبر تويتر على وزير الدفاع سمير مقبل بعد صدور قرار تعيين العميد الركن كميل ضاهر مديراً لمخابرات الجيش فغرّد جنبلاط ـ ولا أعرف إذا كان التغريد صفة مناسبة هنا ـ «تعيين مدير مخابرات تفوق خبرته خبرة الجاسوس الشهير كيم فيلبي»، وكان قد افتتح سلسلة تغريداته بالقول: «صدق الذي قال بأن السمك الكبير يأكل السمك الصغير» وسخر من الجيش اللبناني وهاجم قائده العماد جان قهوجي و»طَوَش» اللبنانيين بـ»خبريّة» صفقة  «استملاك القاعدة البحرية للجيش اللبناني بموافقة وزير الدفاع وغيره من كبار المسؤولين»!!

حان الوقت ليفهم النائب وليد جنبلاط أنّه لم يُعد أبداً أحد كبار الحيتان، لأنّ الانتخابات المقبلة ستضعه في حجمه الحقيقي، وحان الوقت لنسمع صوت تيّار المستقبل تجاه هذه الحملة العاتية على الوزير نهاد المشنوق، خصوصاً وأنّ الرجل تحمّل طوال عاميْن الكثير من الهجمات الشرسة نيابة عن تيار المستقبل، «لقد انفلقنا» من حالات التطاول على بيروت ومن يمثّلها، والسكوت لم يعد له مبرّرٌ أبداً، فالنّاس تعرف وليد جنبلاط على حقيقته، وتعرف تقلباته من أجل «مصلحة» مهما كانت صغيرة، وإذا كان جنبلاط يصدّق مقولة أنّ السمك الكبير يأكل الصغير، ربما علينا أن نلفت البيْك أنّه لم يُعد أبداً من السمك الكبير، ولا يَظُنّن لحظة أنّ الوزير نهاد المشنوق من السمك الصغير، وأغلب الظنّ أن تهذيب الرّجل وديبلوماسيّته هي  صفات أصيلة ومترفعّة فوق استفزازات وليد جنبلاط ومن معه، واتهاماته الباطلة مهما كانت «فاجرة» و»كاذبة»!!