تتدحرج اجراءات بعض الدول الخليجية ضد ” حزب الله” نتيجة تصنيفه تنظيما ارهابيا من دون اتضاح المدى الذي ستذهب اليه هذه الاجراءات وحجمها. وتقول مصادر ديبلوماسية إن الامر قد لا يكون واضحا تماما حتى بالنسبة الى هذه الدول نفسها باعتبار ان القرار لا يزال حديثا جدا وهناك اجراءات عقابية عدة يمكن وضعها موضع التنفيذ لكن ليس اكيدا اذا كانت إتخذت ام لا. الا ان ثمة مكابرة في اعتبار ان الاجراءات الخليجية وربما العربية لاحقا غير مؤذية للبنان كما للحزب ومناصريه وان الحزب لن يتأثر او ان يقيم اعتبارا لاي منها. فقياسا على ما يستمر لبنان يعاني منه نتيجة الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة عليه ابان الحرب ونتيجة خطف عدد من المواطنين الاميركيين في بيروت ومن ثم مع تصنيف اميركا الحزب على لائحة الارهاب بحيث كان اللبنانيون يخضعون لاجراءات صارمة جدا من التفتيش في المطارات وحتى ان الطائرات اللبنانية للركاب او الشحن لا تزال ممنوعة من السفر الى اميركا، علما انه بعد 11 ايلول 2001 اصبح العرب باجمعهم يتعرضون للمعاملة نفسها، فان الاجراءات الخليجية قد لا تقل تأثيرا واحراجا. وقياسا على الزهو الذي اصاب الحزب نتيجة رفع صور الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في الشوارع العربية في 2006 واعتباره المقاومة التي رفعت رأس العرب، فان تراجع شعبية الحزب لدى الرأي العام العربي بعد تدخل الحزب في الحرب السورية ثم خسارته الحكومات الخليجية والعربية عموما بعد اعلانه تدخله في عدد من الدول العربية يعد اصابة معنوية كبيرة للحزب . فالتصنيف الاميركي للحزب تنظيما ارهابيا عده الحزب طويلا وساما على صدره بذريعة انه مدرج بسبب المقاومة التي يعتمدها ضد اسرائيل وان تكن الاتهامات بخطف المواطنين الاميركيين وسوى ذلك من الاتهامات وراء ذلك. اذ ان الاميركيين الذين احتجزوا في لبنان نالوا تعويضات من الاموال المحجوزة لايران في الولايات المتحدة. والتصنيف الاوروبي لما يعتبره شقا عسكريا لديه لم يكن شديد الوطأة خصوصا ان التمييز واه فعلا وغير واضح في حين ان التصنيف العربي يعطي بعدا او عمقا مختلفا لقرار تصنيفه. ومن غير المستبعد ان يؤدي واقع تصنيفه عربيا الى فتح الباب امام دول اوروبية او سواها امتنعت عن ذلك سابقا من اجل سلوك الطريق نفسها، علما ان معلومات كانت تفيد عن انفتاح سفارات غربية على الحزب قبل اعوام قبل تراجع هذا الانفتاح لاحقا.
السؤال المهم هو الى اي مدى جغرافي واجرائي يمكن ان تذهب الاجراءات الخليجية وهل ستتسع خارجيا او تتطور لتلتقي او تحاصر الحزب مع موقف الولايات المتحدة منه مثلا؟ فهذه تشكل علامات استفهام كبيرة يصعب الاجابة عنها ما دامت الاجراءات في اطار مسار تدريجي حتى الان . وفيما يعتقد البعض بأن هذه الاجراءات لن تشهد تطورات كثيرة وهي مرتبطة بمدى زمني هو سقف العلاقات المتوترة مع طهران وحلحلة انخراط الحزب في نزاعات عربية داخلية ، الا ان ثمة آراء عن الضرر المعنوي في تصنيف الحزب تكمن في الاذية التي لحقت بلبنان والمسؤولية التي يتحملها ازاء اللبنانيين وما يصيبهم نتيجة مشاريع وخطط لا علاقة لهم بها او باهدافها. وليس سهلا ما قد يظهر من اضرار اقتصادية خطيرة الى اضرار اخرى على لبنان نتيجة القطيعة العربية ان في غياب السياح او الاستثمارات العربية. يضاف الى ذلك واقع ان الحزب يشارك في الحكومة ما يجعل هذه الاخيرة محرجة ومسؤولة عما يحصل، علما ان اجراءات قد تطاول وزراء الحزب او وزراء الاحزاب المتعاطفة معه لدى المشاركة في اي مؤتمر عربي على اي مستوى على غرار ما تردد عن عدم الترحيب بزيارات محتملة لوزير الخارجية من ضمن هذا الاطار، الامر الذي يؤدي الى عزلة لبنان ويحول دون ايصال صوته ويصيب موقعه الخارجي باضرار جسيمة. والخطورة الاكبر تكمن في رأي ديبلوماسيين مراقبين في ان يتم توسيع مروحة الاجراءات المتخذة لتطاول طرد او عدم تجديد الاقامة لمن يعتبرون متعاطفين مع الحزب، وهو ما يترك اثرا بالغا على عائلات بأسرها او لتطاول مثلا منع اسماء شخصيات او لوائح باسماء معينة من عبور اجواء الدول العربية في حال كان هؤلاء يتوجهون الى دول اوروبية او سواها. فمع ان الاجراءات التنفيذية للقرارات المتخذة لدى دول الخليج ليست محددة على نحو واضح لكن يعتقد ان الباب مفتوح امام جملة مسائل يمكن ان تترك اثرا سلبيا كبيرا وذلك ما لم تقرر هذه الدول الاكتفاء بما اتخذته من اجراءات من دون وضع اخرى موضع التنفيذ. وهذه النقطة الاخيرة مرتبطة في الواقع بجملة امور من بينها، وفق ما تقول هذه المصادر، البدء بسعي الحزب الى اعتماد سياسة الحد من الخسائر التي تنعكس على لبنان في الدرجة الاولى كما تنعكس على مناصريه او المتعاطفين معه بعيدا من السعي الى استفزاز الدول العربية ومحاولة مقارعتها نديا او حتى فوقيا على غرار ما اعتمده الحزب اخيرا. وهذا المسار مهم وضروري بغض النظر عما اذا كانت شعبية الحزب يمكن ان تتأثر لدى مناصريه ام لا لكنه ترك اثرا سلبيا بالغا على حلفائه المباشرين بمن فيهم المسيحيين منهم. كما ترتبط المسألة بقدرة الحكومة اللبنانية على المعالجة على رغم صعوبة الامر في ظل المعادلة الراهنة في انتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمكن ان يفتح صفحة جديدة على قواعد مختلفة مع الدول العربية.