Site icon IMLebanon

مجلس 2022… أزمة نظام أم كيان؟

 

أنطوان نجم: انتخاب رئيس سيادي كجوزف عون يُحرّر نظامنا وسعيد مالك: أكثرية الثلثين في القضايا المصيرية بحاجة إلى توافق

 

لا يمكن بعد اليوم القفز فوق الشكل السياسي الجديد الذي أفرزته انتخابات 2022. لقد باتت تركيبة هذا المجلس واضحة؛ بحيث يمكن توزيعه على ثلاث مجموعات سياسيّة:

 

1- المجموعة السياديّة التي تضمّ في طليعتها حزب القوّات اللبنانيّة، وحزب الوطنيين الأحرار وكلّ الشخصيّات التي تحمل الخطاب السيادي في مشروعها السياسي.

 

2- المجموعة الثورويّة التي تضمّ كوكبة من ثوّار 17 تشرين وناشطي المجتمع المدني الذين يحملون مشاريعهم الاقتصاديّة ورؤاهم الإجتماعيّة وقد لا يعتبر بعضهم المشروع السيادي – السياسي من أولويّاته.

 

3- المجموعة المنظوماتيّة التي تضمّ دويتو الحكم المؤلّف من المنظومة الفاسدة التي يدير شؤونها أفضل إدارة فريق التيار الوطني الحرّ؛ وتحميها وتغطّيها منظّمة «حزب الله» المسلّحة بطريقة غير شرعيّة، وتسمح لهذه المنظومة بأن تبتزّها بالاستقواء بقوّة سلاحها هذا، لتغرف ما تستطيعه ممّا تبقّى من خيرات هذه الدّولة التي كانت في يوم من الأيّام على حدّ قول فخامة الرئيس الراحل الياس الهراوي «بقرة حلوباً».

 

أمام هذا الواقع الإنقسامي يمكن طرح نظريّة «الديمقراطيّة التعطيليّة» التي على ما يبدو أنّها ستكون سيّدة المرحلة الآتية. وهذا ما سيؤدّي إلى عمليّة ابتزاز قد يمارسها الأطراف الثلاثة بعضهم على بعض ليسجّلوا نقاطاً في ما بينهم. لكن ما يجب أن يتنبّه له هؤلاء هو طبيعة المعركة التي تُخَاضُ في لبنان، وهي من طبيعة كِيانيّة حول وجه ووجهة لبنان، إمّا أن تكون هويّتنا لبنانيّة وإمّا لا تكون. هذا هو سقف المواجهة. من هنا، سنكون أمام أزمة نظام قد تعيقه من جديد الدّيمقراطيّة التعطيليّة التي نجح الفريق المنظوماتي بممارستها طيلة تولّيه حكومات الوحدة الوطنيّة.

 

وفي حديث لـ»نداء الوطن» مع الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك حول طبيعة تفكيك هذه المعضلة دستوريّاً أشار مالك أنه «بالعودة إلى أحكام الدّستور يتبيّن أنّ هنالك استحقاقات عديدة تقع على عاتق مجلس النوّاب، فهنالك استحقاقات يمكن إنجازها بغالبيّة عاديّة، وعندها يمكن لأي فريق من الثلاثة المذكورين أن يكون «بيضة القبّان»، مثلاً انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه». وتابع مالك: «هنالك استحقاقات ليس بالاستطاعة والإمكان إلا تأمين الثلثين كانتخاب رئيس الجمهوريّة عملاً بأحكام المادّة 49 من الدستور. عندها لكلّ فريق من هؤلاء الأفرقاء الثلاثة حقّ الفيتو على إنجاز هذا الاستحقاق ما لم يكن مؤاتيًا مع خيارته والأسماء التي يحدّدها أو يوافق عليها».

 

أمّا على الصعيد الدستوري فلفت الدّكتور مالك الى أنّ: «هناك غالبيّات يجب أن تؤمَّن، وهذا التأمين مرتبط بالإتّفاق بين الأفرقاء الثلاثة. وبالنسبة للقضايا التي تحتاج لغالبيّة عاديّة أيّ فريقين ممكن أن يتّفقا على موضوع ما قد يتحقّق. أمّا بالنسبة إلى القضايا المصيريّة الكبيرة التي هي بحاجة إلى ثلثي مجلس النواب فهذا الأمر بحاجة إلى توافق من الفرقاء الثلاثة بسبب وجود حقّ فيتو معطى لأي فريق من هؤلاء».

 

وفي السياق عينه قال المفكّر أنطوان نجم «إنّ المستقبل غير ثابت بل هو يتطوّر بحسب الحاجة؛ وبحسب تطوّر الأمور». وبالنسبة إلى المرحلة الراهنة الآن نصح نجم الفريق السيادي الذي تقوده القوّات اللبنانيّة بالحرص جيّدًا على عدم الاندساس بينهم لأيّ حصان قد يكون طرواديّ الهوى. وأشار نجم إلى ضرورة «تثمير هذا الانتصار وليس استغلاله، وثماره بالتأكيد تكون بتقوية وتنظيم هذا الفريق، على أن يكونوا صوتاً واحداً، ليس بالضرورة في التفاصيل بل بالموقف الأساسي. لنراقب مع الوقت كيف سيحدث هذا التطوّر في النّظام».

 

وأكّد نجم أنّه «مقتنع بعد عهد الرئيس عون إن استطعنا انتخاب رئيس ليس عميلاً لأيّ نظام، عندها يمكننا أن نطور نظامنا وتحريره من الخلل الذي دخل إليه وسهّل استغلاله». ورشّح نجم إمكانيّة انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون للرئاسة في المرحلة المقبلة. وعند سؤالنا عن طبيعة هذا الخلل أجاب نجم: «كلّ مَن يملك مصلحة خاصّة كان يسير من ضمن الخط الذي يسمح له به «حزب الله»، ولو على حساب الوطن، شرط أن يساعده في التخلّص من هذا النظام». وطرح إشكاليّة قد تتّضح الإجابة عليها في القليل القادم من الأيّام مفادها :»لمَ لا يمكننا أن نقسم مجلس 2022 بين فريقين فقط لا ثلاثة: فريق سياديّ تغييريّ بامتياز وفريق يحافظ على الوضعيّة التي كانت سائدة؟».

 

وفي الإطار العام الأوسع، لفت نجم إلى أنّ « كلّ شيء مرتبط بأجواء الشرق الأوسط، فهذا ما عشناه في الخمسينات ولم يتبدّل اليوم. إن استطاع الرئيس الأميركي المقبل السيطرة على إيران، عندها لا خوف مباشراً من حزب الله. فبهذه الأجواء يصبح ممكناً التفاوض معه، شرط ألا يتخلّى السياديّون عن سلاحهم الفكري والزمني، والأهمّ من دون مساومات لأنّ لغة «حزب الله» الآن بدأت تلين. لذلك لا اجتماع ولا لين مع «حزب الله». يجب تثبيت لبنانية لبنان المندمج في الحياة العربيّة أولاً».

 

وأشار نجم إلى أنّ «فكرة لبنان الكبير هي فكرة أوحي بها للبطريرك حويّك من الربّ». وذكّر بما قاله له المفكّر الدكتور شارل مالك: «إنّ الشعب اليهودي سيدخل إلى الدين المسيحي عبر موارنة لبنان». ورأى نجم أنّ «الأمور تسير نحو تحقيق لبنان السيادة والكرامة وحلم البشير. فمشهد طرابلس التي أعطت القوّات اللبنانيّة نائباً له رمزيّة كيانيّة وطنيّة» تجعله متفائلاً بالمستقبل. وهو الذي رفض أن يرحل عن لبنان برغم استطاعته ذلك، وختم حديثه : «نحن خلقنا هنا وسنبقى هنا».