بعدما حسم رئيس مجلس النواب نبيه بري موضوع جلسة «ضرورة التشريع» وحدد موعدها في 12 و 13 الجاري، كان يعرف ان هذا الملف يحتاج الى «حسم ميثاقي» حيث يستحيل عقد الجلسة في غياب مكون ديني هو الطائفة المارونية خصوصا والمسيحية عموما التي تبدو غير مستعدة للمشاركة في الجلسة، بحسب ما صدر عن اوساط التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، فيما ترى مصادر مطلعة ان رئيس المجلس ما كان ليدعو الى الجلسة الا بعدما لمس استعدادا لدى بعض النواب المسيحيين المستقلين من «خوارج» تكتل التغيير والاصلاح الا في حال تبين العكس خصوصا في حال تشددت مراجعهم وحالت دون مشاركتهم في الجلسة؟!
وثمة من يجزم في هذا السياق الى حد القول ان الرئيس بري قد حسم امره بالنسبة للدعوة الى الجلسة لانه يعرف تماما ان المقاطعة المسيحية لن تحصل مهما تباينت الدعوة اليها، حيث هناك مصالح لدى البعض من شأنها كسر المقاطعة التي يتخوف نواب من ان يسري مفعولها على الغالبية ما يحول دون عقد الجلسة، ويقال في هذا الصدد ان رئيس المجلس يلعب ورقة سياسية حساسة يفهم منها مسبقا ان لا مجال لان يتساوى المجلس في الشلل المخيم على الحكومة، لاسيما بعدما تعذر عقد جلسة لمجلس الوزراء جراء عقدة النفايات (…)
وترى مصادر مقربة من وزير الزراعة اكرم شهيب ان مشروعه لم يسقط، لكنه ترك اثره السيىء على حال الحكومة بعدما اصبح من الصعب عدم عقد جلسة لمجلس الوزراء، مهما ترددت معلومات عن ان بديل مشروع شهيب اصبح ترحيل النفايات الى خارج لبنان، بعكس ما يقال عن ان جهات بارزة قد اتفقت على الترحيل لتعذر الاتفاق على ايجاد مطامر من بين ما اقترحه الوزير شهيب ومن لعب دورا في مجموعة فريق عمله، من غير ان يظهر في الافق ما يشير الى امكان اجراء تعديل على الخطة، اضف الى ذلك ان مشروع ترحيل النفايات مكلف وبارقام قياسية يستحيل على لبنان تحملها؟!
ويقال في هذا الصدد ان ما منع الاعتماد على مطامر جديدة، هو تعذر دفع فروقات مالية للسياسيين الذين وقفوا صفا واحدا في مواجهة البحث عن مطامر من بين التي تم اقرارها، لاسيما مطمر الشويفات – خلدة الذي تصدى له النائب طلال ارسلان، فيما تراجع تأييد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عن مطمر «الكوستابرافا» جراء تعذر دفع الاموال التي تكفل اسكات المعترضين، كما سبق وحصل في مناطق اخرى؟!
المهم في هذا المجال انه بات من المستحيل تجاهل مخاطر استمرار رمي النفايات بالاطنان على الطرق وفي الشوارع، فضلا عن ان فكرة الترحيل مستحيلة كونها مكلفة بحسب اجماع المراقبين، خصوصا ان الشتاء على الابواب ولا يعقل الاستمرار في تجاهل مخاطر الفلتان على هذا الصعيد، اضف الى ذلك ان الحراك الشعبي بات امرا ملحا من المستحيل تجاهله كي لا تتطور الامور من سيىء الى اسوأ والاسوأ ان لا جديد فيها علي الساحة اللبنانية التي تعاني الامرين جراء الحال الاقتصادية والامنية الخانقة، فيما يعرف الجميع ان الوضع السياسي العام غير قابل للمعالجة، في ظل ما هو معروف بالنسبة الى ما هو على علاقة بالنازحين السوريين الذين تتطور قضيتهم باتجاه الاسوأ؟!
ومهما قيل عن تعقيدات الدولة، لا بد وان يظهر الاسوأ نظرا للحال السياسية المخيفة التي تكاد تتساوى مع الكوارث البيئية جراء النفايات وليس من يسأل عن معالجة جدية تمنع السير قدما باتجاه الكوارث الطبيعية وتلك المفتعلة، لاسيما ان المواطن بات يشعر بأنه متروك لمصيره حيث لكل طرف في السلطة اهتمامات تختلف عن اهتمامات سواه، لكنها تلتقي في مجال ما هو اسوأ وليس الاحسن؟!
ومن الان الى حين معرفة مصير الجلسة التشريعية، هناك من يرى انها لن تحصل في غياب المكون المسيحي، وهذا الامر يكاد يكون محسوما، الا في حال نجح الرئيس بري في منع تطور الامور المسيحية نحو الاسوأ، وهذا من ضمن ما هو مرتقب، اسوة بما هو حاصل بالنسبة الى ملف النفايات حيث يقال كل شيء باستثناء حصول انفراج في هذا الصدد، مع العلم ان السياسة في البلد تحولت الى مشروع لا علاقة له بمصالح الناس (…)
وعندما يقال ان الجدية مفقودة في مجال اهتمامات مجلس النواب، يقال الشيء عينه في مجال الفشل المخيف في حال تعذر الاتفاق بطريقة او بأخرى على معالجة ملف النفايات، حتى وان كانت التوقعات لا تبشر بحل قريب مع ما يعنيه ذلك من سلبيات مخيفة مرشحة لان تتضاعف!