Site icon IMLebanon

«مجلس التمديد» يصحو بعد عام: التمديد للجان أيضاً!

قبل أقل من عام بقليل، عقد مجلس النواب جلسته الأخيرة. لم تكن جلسة عادية، إنما الجلسة الشهيرة التي أرست التمديد الثاني. منذ ذلك الحين تأكد أن المجلس ليس أكثر من صورة، فلم يلتق النواب يوماً في جلسة رسمية ولم يسمع صوت مطرقة رئيس المجلس منذ ذلك الحين. فقط، جلسات شكلية لانتخاب رئيس الجمهورية، يحضرها من يريدون تسجيل مواقف سياسية، مع يقينهم أن حضورهم أو عدمه لن يكون له أي تأثير في مصير الرئاسة.

أدى النواب «واجبهم» بما اعتبروه «انبثاق السلطة» (التمديد) وغابوا عن السمع والعمل، مثبتين أنهم نواب غير شرعيين. فضلّوا التناحر على المنابر وفي الإعلام، وبقيت قلة منهم تشارك في الاجتماعات النادرة للجان النيابية. أما الجلسة التشريعية، التي حضّر الرئيس نبيه بري جدول أعمالها يوماً، فلم تبصر النور، لأن النواب لم يجدوا تعريفاً واحداً لتشريع الضرورة، فكان البديل في التحضير لها سياسياً. حتى ذلك لم ينفع. فشلت تسوية الترقيات فطارت احتمالات انعقاد المجلس النيابي، فيما بقي اجتماع الحكومة معلقاً على أكياس النفايات.

تلك الحكومة لم تتفق حتى على توقيع مرسوم الدورة الاستثنائية لمجلس النواب منذ انتهاء العقد العادي الأول للمجلس في نهاية أيار. كان الموضوع يقترب ويبتعد تبعاً لتطور المواقف السياسية، وإن ظلت قاعدة الفراغ الأكثر جدية.

فولكلور مستمر

اليوم هو يوم الثلاثاء الأول بعد 15 تشرين الأول، وهذا يعني أن العقد الثاني صار جاهزاً للانطلاق.. ومن دون الحاجة إلى مرسوم حكومي. لكن مع ذلك، لا شيء تغير. الجلسة التشريعية ما تزال معلقة، وجلسات انتخاب الرئيس تستمر في مراعاة الفلكلور الديموقراطي.

ومن الفلكلور أيضاً أن يعمد المجلس في بداية عقد تشرين إلى انتخاب أعضاء لجانه الدائمة. ولذلك، سيكون المجلس النيابي اليوم على موعد مع الجلسة العامة الأولى له في العام 2015، وتحديداً الأولى منذ جلسة التمديد في الخامس من تشرين الثاني 2014. صحيح أنها جلسة داخلية لا تحتاج حتى إلى وجود الحكومة، إلا أنها في النهاية تبقى جلسة نيابية، سيلتقي فيها النواب الذين لم يلتقوا منذ التمديد. الخطوة عزيزة ولا تلقى اعتراضاً، كونها تتعلق بـ «انبثاق السلطة»، الذي صار يعني، بحسب العرف اللبناني، التمديد للمجلس أو التمديد للجان المجلس.. أو أي تمديد آخر. ليس في قاموس انبثاق السلطة اللبناني ما يشير إلى انتخابات نيابية أو رئاسية، كما هو متعارف عليه في كل دول العالم.

أما انتخاب أعضاء اللجان النيابية فيكاد يحذف من النظام الداخلي لمجلس النواب، بعدما لم يُنتخب هؤلاء منذ ما بعد انتخابات العام 2009، حيث يمدد لهم سنوياً مع بداية عقد تشرين بشكل آلي، وفي جلسة لا تزيد مدتها عن ربع ساعة. جلسة اليوم لن تشكل استثناء. مجرد مناقلات طفيفة بين أبناء الكتلة الواحدة أو التحالف الواحد.

في جلسة انتخاب اللجان منذ عام، طلب النائب انطوان زهرا الكلام، ثم سأل رئيس المجلس إن كان نصاب الثلثين متوافراً، قبل أن يحرج زملاءه بالإشارة إلى أنه إذا كان النصاب مؤمناً فلننتخب رئيساً. يعرف زهرا ويعرف غيره أن ذلك لا يمكن أن يحصل، واليوم أيضاً لن يحصل، بالرغم من أن نصاب الثلثين سيكون مؤمناً. صحيح أن أحداً، في السياسة، لن يسمح لهكذا خطوة بالتسلل من دون اتفاق، لكن الصحيح أيضاً، بحسب خبير دستوري، أن جلسة انتخاب اللجان لا تعتبر جلسة نيابية بالمعنى الدستوري للكلمة، بدليل عدم الحاجة لوجود الوزراء غير النواب. خبير دستوري آخر يعود إلى المادة 75 من الدستور ليؤكد أن المجلس لينتخب رئيساً عليه أن يكون ملتئماً لهذه الغاية حصراً.. وهو ما ليس متوفراً في جلسة اليوم.

ذيول «لجنة الأشغال»

صحيح أن لعبة اللجان مضبوطة منذ 6 سنوات إلى الآن، لكن الإشكال الذي وقع مؤخراً في لجنة الأشغال أعطى تيار «المستقبل» إشارات سلبية تجعله يخشى من أي دعسة ناقصة لـ «تكتل التغيير».

فقد حذر النائب أحمد فتفت حينها بوضوح أنه إذا لم يعد النائب محمد قباني إلى رئاسة اللجنة، فإن ذلك سينعكس على لجان أخرى.

وفيما قال فتفت ذلك، رداً على من دعا من نواب «التيار» إلى إزاحة قباني عن رئاسة اللجنة، فقد أكدت مصادر «التكتل» لـ «السفير» أن «التكتل» ما يزال ملتزماً بالمعادلة التي حكمت اللجان منذ 2009.

مع ذلك، فإن فتفت يؤكد أن الضمانة الوحيدة التي يمكن أن تعطى لـ «المستقبل» هي من الرئيس نبيه بري، الذي كان قد طلب موعداً منه لتوضيح موقف «التيار» والتأكيد على موقفه السابق بأن أي مسعى من قبل العونيين لتغيير المعادلة في لجنة الأشغال سينعكس على لجنة المال تحديداً، حيث تملك «14 آذار» الأكثرية وتستطيع أن تختار رئيساً لها غير النائب ابراهيم كنعان.

لا تعديلات في اللجان

من يتابع الموضوع يعرف أن لا مصلحة لأركان السلطة في زيادة الشرخ في ما بينهم، لذلك يُتوقع أن تكون جلسة اليوم مضبوطة، وأن تكتفي الكتل بالمناقلات الداخلية، إن وجدت.

وحتى مساء أمس، فقد تردد أن «8 آذار» لن تشهد أي تغيير في عضوية نوابها للجان، فيما سيكون هنالك تغيير واحد في جهة «14 آذار»، حيث سينتقل النائب روبير فاضل من لجنة المال إلى لجنة الاقتصاد ليحل مكان النائب فادي كرم، على أن يحل النائب انطوان زهرا مكانه في «المال».

وإذا كانت الهيئة العامة تكتفي بانتخاب أعضاء اللجان، كما ينص النظام الداخلي للمجلس في المادة رقم 19، فقد درجت العادة أن يصار، بعد الجلسة مباشرة، إلى انتخاب الرؤساء والمقررين في مكتب الرئيس نبيه بري، حيث تنص المادة 23 على أن تجتمع اللجان «بعد انتخابها بثلاثة أيام على الأكثر بدعوة من رئيس المجلس وبرئاسته فتنتخب كل منها رئيساً ومقرراً بالاقتراع السري..».

بعد انتهاء اليوم النيابي القصير، سيعود الاشتباك إلى سابق عهده. وبالرغم من الشلل الذي يفترض أن يتمدد أكثر فأكثر، إلا أن محاولات عقد جلسة تشريعية قد تسمر بهمة جلسات الحوار الوطني.

وللتذكير أيضاً، فإن الدستور في المادة 32، التي ستتلى اليوم على مسامع النواب، كما تتلى مع بداية كل عقد، تشير بوضوح إلى أن جلسات العقد الثاني «تخصص للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل أي عمل آخر». في العام الماضي لم يسمع أحد هذه العبارة، وتعهد النواب أمام أنفسهم أن ينجزوا التمديد لأنفسهم قبل أي عمل آخر. صحيح أنهم حققوا مرادهم، لكن المفارقة أنهم لم يقوموا بعد ذلك بأي عمل آخر!