تتهيّأ بعض الشخصيات السياسية، بقيادة الرئيس الأسبق للحكومة، فؤاد السنيورة إلى إطلاق مشروع «مجلس حكماء». المجلس الجديد نسخة «مزيدة ومنقحة» عن«لقاء الجمهورية»: نادٍ سياسي لمجموعة فشلت في استعادة حضورها بعد التسوية الرئاسية
منذ إبرام الرئيس سعد الحريري التسوية الرئاسية عام 2016، بدأت تظهر الى العلن مجموعات سياسية تنشط جميعها تحت عنوان حماية الطائف والدستور. ولا تتوقف هذه المجموعات عن الاجتماع بين الحين والآخر من أجل النقاش والتباحث وصياغة البيانات. بدأ تفعيل هذه الفكرة بعدَ انكشاف أمر «مجموعة العشرين» التي تمدد شعور أعضائها بالسخط على إدارة رئيس الحكومة للعلاقة مع التيار الوطني الحر، ليطاول عدداً لا بأس به من الشخصيات التي تُعد مرجعية على الساحة السنية. ومن ثمّ درجَ لقاء رؤساء الحكومات السابقين (فؤاد السنيورة، تمام سلام ونجيب ميقاتي) تحت شعار «الدفاع عن رئاسة الحكومة»، في ضوء ما يعتبرونه اعتداءً عليها.
وفي ظل الأزمة الحكومية واعتبار الحريري فاقداً القدرة على تحقيق التوازن مع «العهد القوي» تزداد الآراء الرافضة للتسوية الرئاسية التي أدت إلى «ابتداع أعراف جديدة في نظام الحكم»، بحسب المعترضين على التسوية. آخر بدع هؤلاء التحضير لمشروع ما يُسمّى «مجلس حكماء»، كّلف أعضاؤه أنفسهم مهمّة «ردّ الاعتبار للدستور والحفاظ على وثيقة الوفاق الوطني». منذ أسابيع، لم تتوقّف المشاورات بين الرؤساء السابقين للجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، وحققت تقدماً كبيراً، إذ علمت «الأخبار» أن فريقاً متخصصاً أعدّ صياغة البيان الرقم 1 وسلّمه الى الرئيس فؤاد السنيورة، الذي بدوره بدأ بتوزيعه على الأعضاء، وفقَ ما يؤكّد المطلعون على سير العمل فيه.
الرئيسان ميقاتي وسلام لن ينضمّا إلى «مجلس الحكماء»
هذا المشروع الذين سينضم إليه عدد من الشخصيات السياسية شبه المتقاعدة (من بينها الوزير والنائب السابق بطرس حرب وإدمون رزق وطارق متري وخالد قباني والرئيسان السابقان للجمهورية ميشال سليمان وأمين الجميل، والنائب السابق لرئيس مجلس النواب فريد مكاري) سينطلق من عنوان «وجوب وقف الخضوع لما يعتبرونه المنطق الهدّام على مستوى التمثيل والإدارة». كما «الدعوة الدائمة الى الدستور ووثيقة الوفاق الوطني كمرجعية حينَ يتصرف المسؤولون في هذه البلاد كمجانين، وإعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية على قاعدة وجوب الفصل بين السلطات». وحسب ما تكشف المصادر، فإن «الرئيسين تمام سلام ونجيب ميقاتي لن ينضما الى هذا المجلس، ولكل منهما أسبابه». القاسم المُشترك بينهما هو «أنهما يريدان البقاء كلاعبين بارزين على الساحة في ظل الاعتقاد بأن دورهما كمرشحين لرئاسة الحكومة لم ينته بعد». لكن للرئيس ميقاتي وجهة نظر أخرى تعتبر بأن «لا داعي لوجود هكذا مجلس يساهم في زيادة الانقسام في البلد، فيما لقاء رؤساء الحكومة السابقين يدعم موقع رئيس مجلس الوزراء وشاغله، من دون مجالس تذكّر بأيام البريستول». ويُنقل عن ميقاتي تأكيده أنه لن يكون في «مجلس الحكماء».
تقول المعلومات إن هذا المشروع سينطلق بعدَ الأعياد، حيث سيعقد اجتماعه الأول، في ظل التشكيك بقدرته على إحداث أي فرق، ولا سيما أن الأسماء المُندرجة تحت لوائه تبحث عن أي نادٍ سياسي بعدما فشلت في استعادة حضورها. وقد أفقدها ذلك، طيلة الفترة الماضية، القدرة على بلورة مشروع جدّي. بعض الذين رفضوا الانضمام الى المشروع، أكدوا أن «مجلس الحكماء» سيكون نسخة مكررة عن «لقاء الجمهورية» الذي سبَق أن أطلقه رئيس الجمهورية السابِق ميشال سليمان «لتبقى الدولة أولاً». وفي رأيهم أن «المجلس» الجديد، الى ما سبقه من مشاريع، يسجّل حضوراً في المشهد العام، يطلق الخطابات، وبرقيات التعازي والتهاني. يدعو الى الاجتماع ومن ثم يختفي عن الساحة السياسية كأسلافه. أما أعضاؤه الحريصون أو الخائفون على موقعهم في المعادلة الجديدة، والذين واظبوا على تسجيل اعتراضاتهم منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً «فلن يفيدهم المجلس الجديد في تحويل هذه الاعتراضات الى مشروع سياسي جدي وستبقى بلا طائل».