نقدّر الظروف التي تحول دون عقد مجلس الوزراء إلاّ أننا، والكثيرين، نخشى أن يطول غياب السلطة التنفيذية حتى إذا حان أوان انتهاء «العطلة القسرية» للمجلس استجدت ظروف وعوامل تمددها… وهي حال سلبية للغاية. ذلك ان اجتماع مجلس الوزراء ليس مجرد متعة للسيدات والسادة أعضاء الحكومة، ولا هو نــادٍ لأحاديث وتبادل الطُرف … إنما هو المقر الذي تُقرر فيه مصائر وتُـحَدد مسؤوليات وتُتخذ القرارات وتُعد المشاريع وتُصدر المراسيم (…).
أي إنه المكان الذي يتقرر فيه ما يتعلق بشؤون البلاد والعباد وشجونهم. وبالتالي فإنّ انعقاده هو واجب الوجوب، وإلاّ تعطلت الحياة العامة في البلد و«تكربجت» الدولة بمقوماتها وكياناتها ومؤسساتها كافة.
وبموجب المادة 66 من الدستور «يتولى الوزراء إدارة مصالح الدولة ويناط بهم تطبيق الأنظمة والقوانين (…)». ما يعني، تلقائياً، إن غياب مجلس الوزراء عن الانعقاد يشكل خللاً في إدارات الدولة وتعثراً في تطبيق الأنظمة والقوانين.
هذا على صعيد الوزراء فرادى، أما بالنسبة الى مجلس الوزراء مجتمعاً، فيرى الخبير الدستوري جورج أبو صعب، استناداً الى نص المادة 65 من الدستور أن دور مجلس الوزراء هو على شمولية يشرحها بالتفصيل في قوله الآتي: «أ – إن مجلس الوزراء يضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ويضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية ويتخذ القرارات اللازمة لتطبيقها ما يعني أن وضع السياسات العامة للدولة يعود لمجلس الوزراء وليس للوزير إلا المضي بها بعد إقرار هذه السياسة وليس رسم سياسات خاصة به في وزارته لا تأتلف أو تناقض أو تنفصل عن سياسات الحكومة العامة.
ب – إن مجلس الوزراء يسهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والإشراف على أعمال كل أجهزة الدولة من إدارات ومؤسسات عامة مدنية وعسكرية وأمنية – ما يعني أن الحكومة كسلطة إجرائية تنفذ القوانين والأنظمة عبر وزراء وزاراتها وتشرف على أعمال كل جهاز رسمي لكي تتأكد من أن هذه القوانين والأنظمة تطبق من قبل المسؤولين عن تطبيقها وفي مقدمتهم الوزراء كل ضمن وزارته واختصاصه (…)».
من هنا تتضّح فداحة غياب (أو تغييب) مجلس الوزراء عن الانعقاد… وهو المعني بمفاصل البلاد كلها (…).
صحيح أن هذه الحال ليست مستجدة في ممارساتنا الحكومية في لبنان… إلاّ أنّ الخطير فيها أنّها هذه المرّة تحصل على خلفية خلاف حول ما اذا كان الحدث الأمني الذي حصل في «قبرشمون» يجب أن يُحال على المجلس العدلي أو يجب ألاّ يُحال عليه. وهو سبب لا نستطيع أن نتفهمه كموجب لعدم انعقاد مجلس الوزراء. بالتأكيد هناك حساسيات يجب أخذها في عين الاعتبار. ولكن من يأخذ مصالح الوطن والمواطنين في عين الاعتبار أيضاً؟!
وهل نملك ترف عدم انعقاد مجلس الوزراء فيما الاستحقاقات الداهمة أكثر من أن تُحصى، وبينها ذو التأثير الدولي (مثالاً: تنفيذ مقررات مؤتمر «سادر») ناهيك بالمترتبات على بت ومعالجة القضايا اليومية وما أكثرها!
نكرر إننا نعرف المحاذير… ولكننا لا نريد أن نصدق أن مصير لبنان معلّق على الإحالة أو عدمها على المجلس العدلي!