تجزم مصادر وزارية مطلعة بأن عودة مجلس الوزراء إلى العمل قد بات مسألة ايام معدودة في ضوء المؤشرات السياسية الأخيرة، وتكشف أن رئيسها نجيب ميقاتي، قد بدأ بتشغيل محرّكاتها إستعداداً لتوزيع جدول أعمال الجلسة المقبلة على الوزراء الذين باتوا في أجواء المناخ السياسي الجديد ويترقبون الإعلان الوشيك عن موعد عودة الجلسات الوزارية وذلك في ضوء الدعوة التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون بالأمس. وتؤكد هذه المصادر أن الحكومة ستعود إلى نشاطها وهي تواجه ظروفاً صعبة وقاسية، ربما هي الأخطر في هذه المرحلة، ولذلك فإن استمرار تعطيل جلساتها يُنذر بتحويلها إلى نسخة منقّحة عن حكومة الرئيس حسان دياب ، التي توقفت حتى عن تصريف الأعمال إلاّ في الحالات الضرورية.
ووفق المصادر الوزارية ذاتها، فإن ميقاتي قد أبلغ بعض الوزراء بأن الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، سيكون الموعد المرتقب لاستئناف الجلسات الحكومية، وذلك من دون الإشارة إلى تطورات سياسية أو غير سياسية مفاجئة قد تحصل في الساعات المقبلة، على خلفية الملفات القضائية والتداعيات المستمرة لأحداث الطيونة. وبمعنى أوضح توضح المصادر أن توافقاً مبدئياً قد تحقّق ولكن لم تُحسم بعد هذه العودة بشكل قاطع لأن البلد يعيش مرحلةً مصيرية، وبالتالي فإن العديد من القوى السياسية تتجه نحو تصعيد الخطاب في هذه المرحلة وذلك لحسابات عدة أبرزها الحسابات الإنتخابية.
ومن هنا ، فإن ما يحصل حالياً إنما يدخل في إطار إرساء تسوية ما بين كل المكونات الحكومية، من أجل تأمين المناخ الملائم لتحقيق الإنتاجية على طاولة مجلس الوزراء، وذلك بعدما كان الرئيس ميقاتي قد اتخذ القرار بتعليق الجلسات، للحؤول دون انتقال الحروب الكلامية والألغام السياسية من الشارع إلى داخل الحكومة. وتُضيف أن أي مواجهات سياسية متوقعة بين أكثر من وزير بعد التطورات القضائية الأخيرة، سيكون لها وقعها ودورها وتأثيرها على صعيد خطة العمل الحكومية فتؤدي ربما إلى تفجيرها من الداخل وهوما يرفضه الجميع خصوصاً وأن هذه الحكومة شكّلت مجالاً لالتقاط الأنفاس في ظل الأوضاع المالية والإقتصادية الحرجة والخطيرة.
لكنها تستدرك مؤكدة أن أي حديث عن تعطيلٍ ممنهج للحكومة هو مرفوض في المطلق، موضحةً أن الملفات الأساسية ما زالت قيد البحث وفي مقدمها ملف التفاوض مع صندوق النقد حيث تكشف هذه المصادر عن أن المسودة التي سيجري على أساسها إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، قد أصبحت جاهزة، وبالتالي فإن المسار الحكومي لم يتوقف ولو أن الجلسات عُلّقت لمرحلة من الوقت، خصوصاً وأن كل وزير كان يعمل على تسيير شؤون وزارته واللجان الوزارية نشطت طيلة الأسبوعين الماضيين.
وفي ظلّ تراكم المؤشرات الإيجابية كما وصفتها المصادر الوزارية حول تفعيل الحكومة مجدداً، فإن التوتر السياسي الحالي، لن يغيب بالكامل وربما تكون أصداؤه حاضرة في المرحلة المقبلة، ولكنها لن تؤثر على القرار السياسي المتخذ بالنسبة لإنتاجية الحكومة وتحديداً على مستوى معالجة الملفات الحياتية.