كان ذلك قبل ٤٨ ساعة فقط.
انه بداية عصر.
ونهاية حقبة، من العمر الطويل.
الخطباء قالوا كلمتهم.
والوقائع لا تزال غامضة بين الواقع والخيال.
مجلس النواب الجديد ولد.
قديمه المجدد له رحل.
وجديده بدأ.
والبداية ليست باهرة، لكن النهاية لا تزال غامضة.
لكن الحقيقة الساطعة ان جمهورية جديدة قد بدأت، وان القديمة رحلت.
ولا أحد يستطيع ان يَنكر ان عصر نبيه بري، قد أولم للبرلمان الجديد، والوليمة عمرها يزيد على ربع قرن.
وانه اختار نائبه مسبقا، والبداية مثل النهاية لا تشيخ.
ومن كان الرئيس نبيه بري بدايته، لا يكون ايلي الفرزلي نهايته.
انهما مجدان لا يخيبان.
… يصفق لهما سعد الحريري، ولا يتوقف التصفيق.
انها قصة التنوّع السياسي.
من دونهما لما بقي لبنان يزهو ويزدهر.
… ولكانت الجمهورية قد أصابها الذبول.
***
صحيح ان القانون الانتخابي أصابه المرض.
وزحف اليه الاهتراء.
لكن، لا أحد في لبنان تمنّى نظاما غير النظام الديمقراطي.
… حتى الذين سقطوا في وهدة الخيبة، أنكروه، لكنهم لم يطعنوا بالقانون.
وصخرة بطرس بلعت الهزيمة.
ربما، كان القبول بالمشاركة على أساسه نصف الطريق بين ديمقراطية الخيبة وأوتوقراطية النظام.
والحكاية صعبة على الناس قبولا أو رفضا.
كانت تقاسيم المنافسات، أشبه بتعاليم المماحكات.
إلاّ أن الاعتراف بالنجاح، أقرب منالا من الانحناء ازاء العثرات.
كان الرئيس فؤاد شهاب، يقول ان ديمقراطية القبول بالنتائج أعظم من القبول بالخسائر.
وعندما ذهب الرئيس سليمان فرنجيه العام ١٩٧٤ الى دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتذر من الرئيس الأميركي جيرالد فورد، بعد فضيحة تفتيش الحقائب الرئاسية، وهو يردّد بأن رفض دعوة الكبار، أكثر أهمية من اهانة أميركية صاحبها رجل ولو كان بحجم هنري كيسنجر.
***
ما حدث في لبنان، خلال ٤٨ ساعة، كان أكبر من قانون انتخابي هشيم.
وأصغر من ان يستحق غضبة لبنانية كما وصفها الوزير السابق ادمون رزق.
في العام ١٩٧٥، قال الرئيس كميل شمعون انه كان يعرف كيف يتصادق، وكيف يختلف مع الأستاذ كمال جنبلاط، ولو قالوا انهما يختلفان في المنطق يتّفقان في المنطقة.
ولهذا ينصح الكثيرون النواب الجدد بألاّ يختلفوا حول الأمور العابرة، لأن القضايا الجوهرية هي الأضمن لصالح لبنان.