كشفت معلومات، أن اتصالات جرت بعيداً عن الأضواء على خط باريس ـ بيروت، من أجل تجنّب أي صدام سياسي داخلي، مما يعيد البلد إلى أجواء مرحلة العام 2005، ويرسّخ الإنقسام السياسي العامودي، قد يؤدي إلى توتّرات أمنية، لا سيما وأن هذه المسائل تشهدها أكثر من منطقة ربطاً بنتائج الإنتخابات. وبالتالي، هناك طمس وتعتيم حيال ما يحصل بعد التصعيد الأخير وغير المسبوق من قبل بعض الأطراف.
ولهذه الغاية، فإن من يواكب ويتابع ويقرأ ما يمكن أن يؤدي إليه هذا الإحتقان، دفع به إلى التهدئة وعدم الدخول في أي متاهات أو الإنجرار إلى فتنة لا تحمد عقباها، وذلك ما قام به رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، عندما دعا محازبيه وأنصاره وأبناء الجبل لعدم الردّ على أي موقف يتناوله، لأن البلد لا يحتمل في هذه المرحلة الإستثنائية أي خضّة أمنية، في ظل الظروف الإجتماعية والإقتصادية التي يمرّ بها الجميع، مما يستدعي الحكمة والعَقلنة، وعلى هذه الخلفية، فإن جنبلاط دعا نواب الحزب “التقدمي الإشتراكي”، وسائر الذين فازوا في الإستحقاق الإنتخابي، لمنع تنظيم أي مواكب سيّارة أو تقبّل التهاني، كي لا يحصل أي صدام مع أي طرف أو جهة في الجبل، حفاظاً على أمنه واستقراره.
من هنا، أضافت المعلومات، إن الأيام المقبلة ستبلور ماهية الإتصالات الجارية على قدم وساق بين معظم الكتل النيابية القديمة والجديدة والمستقلين، وحتى “التغييريين”، كي لا تفلت الأمور من عقالها ربطاً بانتخابات رئاسة المجلس النيابي، وعدم إقحام البلد في طروحات ليس وقتها، وإن كان بعضها مسألة لطالما طالبت بها الأحزاب العقائدية والعلمانية من المداورة في الرئاسات، وإلغاء الطائفية السياسية، والزواج المدني، أو الدولة المدنية، باعتبار أن مثل هذه العناوين، وفي خضم التصعيد عبر رفض طرح مثل هذه الشعارات من قبل بعض رجال الدين، ربما يكون مدخلاً لزجّ البلد في صراعات سياسية وطائفية ومذهبية، خصوصاً أن ما يقوله عدد من القيادات السياسية والروحية، يعبّر عن رؤية ومواقف مرجعيات سياسية وحزبية.
لذلك، ما يحصل اليوم من محاولات وصِيَغ تُطرَح حول كيفية التعاطي مع استحقاق انتخاب رئيس المجلس النيابي ليس وقته، بل من الضرورة بمكان تمرير هذا الإستحقاق ومتابعة ومواكبة الإستحقاقين الحكومي والرئاسي، وصولاً إلى إنجازهما، كما كانت الحال في الإنتخابات النيابية، باعتبارهما مدخلاً للوصول إلى الدول المانحة وصندوق النقد الدولي، ولإعادة إحياء مؤسّسات الدولة وتفعيلها، للحدّ من موجة الإنهيار الإقتصادي والمالي.
وعلى خط موازٍ، تؤكد المعلومات، بأن هناك اتصالات تجري على أكثر من خط وصعيد داخلي وخارجي، على أن يكون التعاطي مع كل استحقاق على حدة، لأن ثمة اعتبارات بدأت تخرج عن مسارها في ما خصّ انتخابات رئاسة المجلس النيابي، وهناك محاولات لإقناع بعض المتصلّبين إلى اعتماد العقلانية عبر إدراك ما يحيط بالبلد من أزمات وظروف أكثر من صعبة، لأن الإستمرار أو التشبّث بالمواقف حول انتخاب رئيس المجلس، سيكون المدخل المباشر إلى فرملة الإستحقاقات الأخرى، وربما دخول البلد في فراغ رئاسي وحكومي.
وبالتالي، من الطبيعي وإزاء هذه الأجواء، سيعاني المجلس النيابي الجديد، إذا تحوّل إلى ساحة صراع وتصفية حسابات، وذلك ما هو حاصل اليوم بشكل واضح، وعلى هذا الأساس تتكثّف الإتصالات والمساعي، تضيف المعلومات على أن تبلور الأيام القليلة المقبلة نتائج هذه الإتصالات، وما ستفضي إليه، إنما، وبفعل المعلومات المتداولة، فإن التصعيد وما نتج عن الإنتخابات، سيبقي البلد في هذه المرحلة على شفير الهاوية وعلى صفيح ساخن، وما استمرار تدهور العملة الوطنية وارتفاع منسوب الإنحدار الإقتصادي السريع، إلا المؤشر والدليل القاطع على أن المقبل من الأيام قد يتجاوز بصعوباته وأزماته ما هي عليه الحال اليوم.