IMLebanon

نواب مجلس شورى الإنتفاضة!

 

 

قبل الانتخابات النيابية احتل الحديث عن ضرورة توحيد قوى» الثورة» مساحة شاسعة من النقاش العام. انخرط فيه حريصون على توحيد المحتجين والمنتفضين، واخترقه معادون لهم من باب تنفيس شعاراتهم وانتقاد جديتهم. هدف النوع الأول كان إبداء الحرص العام على توحيد الجهود، وهدف الصنف الثاني كان استمراراً لنهج قمع الانتفاضة ومنعها من تحقيق أي مكسب، لا في تغيير النهج الحاكم ولا في اكتساب شرعية تمثيل الواقع الجديد الناشئ بعد انخراط جموع اللبنانيين في معركة الاحتجاج والاعتراض والرفض.

 

الآن حصلت الانتخابات واكتمل المشهد. بات نقاش ما قبل أيسر وأسهل، فقد وضعت الملاحظات كافة على طاولة الاختبار، غير أن الأهم هو البحث في كيفية الاستمرار سعياً الى تحقيق أهداف اللبنانيين من انتفاضتهم ورفضهم الواقع الذي اوصلتهم اليه شلة الفساد والزبائنية. والاستمرار لا يعني فقط كيفية مقاربة شؤون تقاسم المراكز في المجلس المنتخب، فهذا أمرٌ مهم وداهم، مثله مثل تكليف رئيس حكومة جديد وتشكيل حكومة نهاية العهد والاستعداد لإنتخاب رئيس للجمهورية في تشرين المقبل.

 

يمكن لنواب الانتفاضة أن يغرقوا في تفاصيل هذه الاستحقاقات التي لا مفر منها، بل ان هذا الغرق من صميم مهامهم، لكن من دون إضاعة البوصلة في اي لحظة ومن دون قفز بهلواني فوق موازين القوى التقليدية التي لا تزال قادرة على تحويل أشد لحظات العداء والتنافس الى فرصةٍ للمساومة وتحقيق ما تعتقده مكاسب خاصة.

 

في انتخابات رئاسة المجلس سيكون الأجدى فتح ساحاته امام المواطنين، وفي تركيبة «سيد نفسه» الراهنة لا بديل لنبيه بري الا بري. انها ليست انتخابات لرئاسة المجلس بل انتخاب لمن يشغل كرسي بري كما في الأكاديمية الفرنسية.

 

هذا نموذج لما سيواجهه نواب الانتفاضة، الأمر الذي يعيدهم الى الاساسيات وفحواها ان وجودهم في المجلس النيابي هو امتداد لوجودهم في الشارع، وأن ما قامت من أجله الانتفاضة بحاجة لإستكمالٍ، وهو لن يحصل الا بالمزج بين حركة الشارع وحركة المؤسسات الشرعية ونواتها المجلسية.

 

كانت الشكوى الدائمة، بحسن نية أو بسوئها، ان الانتفاضة لم تنجب قيادة، وها هي الآن انجبت نواباً فليتقدموا الى انشاء مجلس شورى الثورة اللبناني، فالشرعية في يدهم، وهم مع غيرهم من حراكيي الساحات يمكنهم السير في مطالب اللبنانيين حتى تحقيقها، في تجربة جديدة بعيداً عن انقسامات الأعوام الثلاثين الماضية.