Site icon IMLebanon

العدّ العكسي  

 

يجدر التوقف أمام حدثين لافتين حفل بهما الاسبوع الماضي يبدوان في ظاهرهما عنصرين من عناصر تطوّرات الحرب اليمنية، إنما هما فعلاً أبعد مدًى من ذلك، إذ يشكلان منعطفاً في الصراع بين إيران والمجتمع الدولي، وبالذات الولايات المتحدة الأميركية.

 

أمّا الحدث الأوّل فهو قصف الحوثيين ناقلة النفط في الخليج، وأمّا الثاني فهو قصف ضواحي مطار أبوظبي بطائرات مسيّرة من دون طيار.

والواقع أنّ هذين التطورين البارزين يندرجان في إطار الرسائل التي تعمل إيران على توجيهها الى الولايات المتحدة الأميركية وكأنها تستدرج واشنطن كي تنفذ عملية (ضربة) قوية ضدّها عساها تكون مدخلاً لها للخروج من المأزق الاقتصادي والمالي والمعيشي الكبير الذي تعيش تحت ظلاله الثقيلة جداً بعدما أخذت العملة الايرانية في بيان تنازلي واضح يسجّل يومياً هبوطاً حاداً كما جرى أمس بالذات.

إنّهما رسالتان في إطار «الاستفزاز الاستدراجي» عسى أن تؤدّي أي ضربة أميركية الى إعادة تضامن الشعب الايراني مع قيادة آيات الله حيث تبيّـن أنّ المسافة بينهم وبين الشعب تتسع بشكل كبير ما اضطر هذه القيادة، يوم أمس، الى الإفراج عن كبار معارضيها يتقدّمهم كروبي الذي يُعرف عنه بُعده عن العنف ولكن إيمانه بالناس الذين تجاوبوا معه بحشود هائلة عندما دعاهم الى النزول الى الشارع.

إلاّ أنّ هذه الاستفزازات الايرانية لن يكون لها نصيب في رد عسكري من الولايات المتحدة الاميركية التي تشن حرباً إقتصادية بدلاً من الحرب بالصواريخ والطائرات… خصوصاً وأنّ الحرب الاقتصادية ناجحة جداً، ونتائجها ملموسة إنْ في التردّي الاقتصادي وتراجع العملة الايرانية، وإنْ في سحب البساط من تحت أقدام إيران تدريجياً في سوريا… يتساوى معها في ذلك «حزب الله» الذي أدرك أنّ دوره الخارجي المنفوخ قد أخذ ينفّس، وهو أمام قرار حتمي بالإنسحاب من سوريا في أمدٍ غير بعيد… وهذا أحد الشروط الاميركية والغربية عموماً مقابل الموافقة على رغبة روسيا في إعادة الحياة الى النظام حتى إشعار آخر… أي حتى يتم ترتيب حل سياسي نهائي في سوريا يقوم على إجراء انتخابات نيابية فرئاسية حرّة يقرّر فيها الشعب السوري خياراته تجاه بلده.

و»الحشرة» التي تواجهها إيران في سوريا أخذت تنعكس عليها في مختلف أماكن تدخلها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية وبالذات في العراق، مثال ذلك في التظاهرات الحاشدة التي شهدتها العاصمة العراقية بغداد قبل أيام احتجاجاً على قطع التيار الكهربائي… فقد جاء رد فعل الشعب المتظاهر وهتافاته ضدّ إيران مباشرة، وهذا مؤشر لافت لا يمكن تجاوزه في أي حال من الأحوال، بل يجدر التوقف عنده كونه عنصراً آخر من عناصر العد العكسي للنفوذ الإيراني ولدور «حزب الله» في المنطقة.

عوني الكعكي