Site icon IMLebanon

«عدّاد» القصر: عام على فخامة الفراغ!

لا أحد يبدو في نشاط اليوم أكثر من عدّاد القصر الرئاسي. شهران ونصف شهر تفصل اللبنانيين عن إطفاء الشمعة الاولى لفخامة الفراغ.

تلوح التسويات النووية في الافق. يفقد بنيامين نتنياهو أعصابه أمام أعضاء الكونغرس بعد ان تكفّل باستباحة «السيادة» الاميركية. قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني يخوض الحرب علنا ضد «داعش» في العراق. الفرنسيون والاتراك قرعوا باب بشار الاسد، وان عبر الوفود. تغيّر وجه السعودية وامرائها. يكاد نهاد المشنوق يدخل الضاحية للاشراف بنفسه على تطبيق الخطة الامنية في عقر دار المقاومة.. وسمير جعجع يكاد يبقّ بحصة الـ «نعم» الرئاسية لـ «الجنرال». كل ذلك، وقصر بعبدا غارق في صمته.

لكن الصمت لا يعني غياب الانتاجية. في حال انتخاب رئيس غدا، او بعد شهر، او بعد عام، دوائر القصر ستكون جاهزة في أي لحظة لاستقبال الرئيس المقبل، ولو على غفلة.

بعكس حالة الحظر التي فرضها الرئيس فؤاد السنيورة عقب نهاية ولاية الرئيس أميل لحود، فإن الرئيس تمام سلام يتصرّف بخلفية رجل الدولة وليس رجل النكايات. تسكنه الحساسية من التفريط بأي حق رئاسي الى الحد الذي يمتنع فيه عن الاستنجاد بخبرة «دولة الرئيس» السنيورة في عهد الشغور الرئاسي. وصفات ابن صيدا غير مطابقة لمعايير ابن المصيطبة الهادئة.

في حكومة السنيورة، وبعد خروج لحود من القصر، تمنّع عن إرسال جدول أعمال المشاريع المطروحة على مجلس الوزراء الى المديرية العامة للقصر الجمهوري، كما وضع حدا لمشاركة المدير العام انطوان شقير في جلسات مجلس الوزراء في مخالفة صريحة للمادة 9 من تنظيم أعمال مجلس الوزراء التي تشير صراحة الى انه يمكن لمدير عام رئاسة الجمهورية ان يحضر الجلسة.

لكن سلام، الحريص الدائم على عدم إهمال اي تفصيل يخصّ رئاسة الجمهورية، أبقى أبواب السرايا مفتوحة أمام موظف القصر الاول، فيما تصل محاضر الجلسات الاسبوعية بانتظام الى بعبدا، كما يواظب رئيس الحكومة، عبر دوائر السرايا، على ابقاء مدير عام القصر الجمهوري صلة الوصل بين السرايا والقصر الفارغ.

هكذا تتسلّم المديرية العامة صبيحة كل سبت جدول اعمال الجلسات ويتمّ حفظها (تمّ اعتماد يوم السبت بدلا من الثلاثاء كي يتسنّى للـ 24 وزيرا المكلّفين صلاحيات رئيس الجمهورية الاطلاع عليه). الفارق فقط عدم وجود رئيس جمهورية يطّلع مسبقا على جدول الاعمال وفق المادة 64 من الدستور. عمليا، كل «الداتا» الحكومية، بإنتاجاتها وإخفاقاتها، موجودة في أدراج القصر. «الشغل ماشي» هنا وفق المخطّط له. المطلوب فقط «إيجاد» الرئيس!.

بانتظام، يخضع القصر الجمهوري لاعمال تنظيفات تشمل منزل الرئيس ومكتبه وقاعة اجتماعات مجلس الوزراء، كما يقوم عناصر من الامن بالتحقّق من «الجردة». إداريا، موظفو القصر يقومون بواجباتهم من دون ان تلفحهم عدوى الفراغ. أما المديرية العامة للقصر الجمهوري فمستمرة في تنفيذ متطلبات هيكلية العمل الجديدة: متابعة اعمال مجلس الوزراء، واعمال الصيانة في القصر، وتنظيم المعاملات الادارية، وتحديث نظم المعلوماتية، وإجراء دورات تدريبية لجميع الفروع والاقسام في المديرية.

ويُظهر الوزير علي حسن خليل اهتماما لافتا في تقديم وزارته الدعم وتسهيلها لمتطلبات ورشة العمل في القصر لناحية تأمين السيولة اللازمة، خصوصا في مجال تطوير برامج المعلوماتية والانظمة الادارية وأعمال الصيانة، من ضمن موازنة المديرية العامة للقصر الجمهوري.

أما آخر أخبار القصر فهي مباشرة العمل على مشروع ضخم يشمل أرشفة عهود الرؤساء السابقين من بشارة الخوري وصولا الى آخر الرؤساء. وقد بدأ فرع المراسم في القصر الجمهوري التواصل مع أنسباء الرؤساء السابقين من أجل تزويده بكل الملفات والمعلومات الشخصية والاشرطة والافلام والوثائق، وهو مشروع يندرج ضمن مهام المديرية العامة وفق الهيكلية الجديدة التي أقرّت عام 2013.

وبخلاف اللفتة البسيطة والمعبّرة التي قام بها المدير العام انطوان شقير في الميلاد ونهاية العام بإقامة حفل استقبال لموظفي القصر، فإن كافة المناسبات السنوية مرّت مرور الكرام في روزنامة القصر.. حتى عيد الاستقلال.

أما تاريخ 24 أيار 2015، والذي سيمرّ على الارجح من دون ان يكون مجلس النواب قد نجح في كسر عقدة النصاب وانتخاب الرئيس، فسيطوي عاما كاملا من الفراغ المفتوح على التمديد.

أهل القصر، كما في الخارج، يتساءلون «هل سيكون الرئيس الجديد الرابع في عهد الطائف، ام الاول في عهد جديد؟