IMLebanon

مكافحة الإرهاب بلا استراتيجية وحلول سياسية؟

يفتقد مؤتمر مكافحة الارهاب المنعقد في واشنطن وفق مراقبين ديبلوماسيين ايا تكن اهمية الاجراءات والقرارات التي يمكن الوصول اليها وهي كثيرة على صعيد تشديد الرقابة الامنية على مختلف الصعد، إلى مكوّنين رئيسيين: احدهما غياب وجود استراتيجية اميركية في المنطقة والآخر غياب العزم لوضع اسس الحل السياسي في دول تشهد صراعات دموية ونشوء تنظيمات متطرفة يقر الجميع ان طبيعة بعض الانظمة السياسية واداءها مسؤولان مباشرة عن نشوء التطرف واعطائه الزخم الهائل كما الحال في العراق وسوريا. وفي الوقت الذي يصر كبار الزعماء والقادة على ان لا حلول لأي من ازمات المنطقة الا سياسيا، فان اي جهد حقيقي لوضع استراتيجية حلول ليس على طاولة الاهتمام الجدي بما يمكن من اقفال البؤر ومنع انتشارها.

فالاستراتيجية العسكرية الاميركية غير واضحة وغير ناجحة حتى في مواجهة داعش في العراق وسوريا فيما يعول على ان تقود الولايات المتحدة التحالف الجديد من اجل مكافحة الارهاب كما تقود التحالف ضد داعش.

وغياب الاستراتيجية الاميركية ضد التنظيم حال دون حصولها على دعم دول اوروبية لم توافق على شن حملات ضد مواقع للتنظيم في سوريا يستفيد منها النظام السوري. اذ ليس واضحا لا وتيرة العمليات العسكرية ضد داعش ولا الاهداف في الوقت الذي عاد التنظيم إلى تسجيل تقدم له في العراق كما لا يفهم كيف يمكن العمليات العسكرية وحدها ان تنجح في مواجهة هذا التنظيم، وهي عمليات حددت لها مدة ثلاث سنوات وفقا للتفويض الذي طلبه اوباما من الكونغرس الاميركي؟ فالولايات المتحدة التي دعمت انطلاق حملتها العسكرية ضد داعش بالدفع نحو حل سياسي في العراق مبني على اعادة استيعاب الطائفة السنية في الدولة وتقديم الضمانات لها بما يساعدها على نبذ تنظيم الدولة الاسلامية ومحاربته يتعثر مشروعها في المواجهة المفتوحة في العراق على خلفية مذهبية في الوقت الذي تتعاظم ازمة الثقة بين دول المنطقة والولايات المتحدة على خلفية المفاوضات التي تجريها مع إيران حول ملفها النووي، وما يظهر من صمت اميركي على ما يعتبره كثر تهديد إيران لأمن المنطقة. وسبق للرئيس باراك اوباما ان اعلن في احد احاديثه الصحافية ان الخطأ الاكبر الذي ارتكب في المنطقة هو القيام بعملية عسكرية في ليبيا لإطاحة معمر القذافي من دون متابعة الوضع الليبي لاحقا ومساعدته ما أدى إلى ما أدى إليه. وهو الامر الذي سرى على العراق بعد مغادرته من القوات الاميركية ومحاولتها راهنا استعادة ما بنته قبل رحيلها.

من جهة اخرى، من الصعب ان يكون ممكنا رأب الصدع مع دول المنطقة اذا كان الاعتقاد ان التفاوض الذي تجريه الولايات المتحدة مع إيران انما يهدف ويؤول إلى تنفيذ سياسة الادارة الحالية بالانسحاب من المنطقة انطلاقا من اقتناع بان الملف النووي هو جل ما يهم هذه الادارة وانها حريصة على انجاح التفاوض على قاعدة انه جزء من انهاء انخراطها في المنطقة خصوصا بعد تضاؤل حاجتها إلى النفط. وهي تاليا تترك دول المنطقة لتتدبر امورها في اليوم التالي للاتفاق النووي أو هي في احسن الاحوال تعمم انطباعا بان الحلول السياسية الجدية لن تجد طريقها إلى ما هو ممكن قبل دفع إيران إلى الانخراط في دور بناء في مناطق تدخلها في دول المنطقة بدلا من الدور التحريضي الذي تقوم به راهنا.