IMLebanon

بلد يتهاوى: نقابة الأطباء نموذجاً!

من المعيب ما ذهبت اليه المواجهة بين الاطباء والناس أجمعين، وخصوصا الاعلام، وهي معركة خاسرة بالنسبة الى الاطباء لانهم فتحوا عليهم ابواباً من الانتقادات والشكاوى التي لا تُحصى. فالناس يعانون من التعامل الفوقي لاطباء، ومن التسعيرات المبالغ فيها، ومن الانتظار الطويل دونما احترام للمواعيد ولارتباطات المرضى وانشغالاتهم. والناس يعانون من لامبالاة بعض الأطباء وإهمالهم مرضاهم وغيابهم عنهم اياما، ومن التجارة التي دخلت على المهنة لناحية طلب صور اشعاعية وفحوص غير ضرورية، لا تهدف الا الى تحقيق منفعة يتقاسمها الطبيب مع ادارة المستشفى.

يمكن الاعلام ان يفتح صفحاته وأثيره للناس لنقل شكاواهم وتسمية الاطباء بأسمائهم، وإلحاق الضرر بهم. والواقع ان كثيرين من الاطباء يستحقون التشهير لارتكابهم اخطاء جسيمة في حق مرضاهم، بل يستحقون المحاكمة. والخضوع للقضاء ليس عيبا، ولا ضرورة للحصانة اذا تجاوز طبيب دوره أو اخطأ بما يؤدي الى قتل نفس بشرية أو قطع اطراف مريض أو التسبب له بعاهة، بل ان قمة الاحترام في الخضوع للقوانين بما يساوي بين الناس، ولو أطباء ومحامين وصحافيين، لان القانون وجد لتنظيم حياة المواطنين وعلاقتهم بعضهم بالبعض الآخر.

لا لإدانة الطبيب عصام معلوف، ولا لتوقيفه احتياطا، بل يمكن الطلب اليه عدم السفر لمنعه من الهروب إذا ثبتت إدانته، لأننا حريصون على كرامته، كما على كرامتنا في تعاملنا معه ومع زملائه، والتشهير به وادانته في الاعلام، ضرب من تجاوز الحدود المسموح بها. لكن أي خطأ إعلامي أو إداري يمكن أن يرتكب، لا يعالج بخطأ أفظع منه. وردّة فعل الاهل المتألمين لمصابهم وهم يشاهدون طفلتهم وقد فقدت يديها ورجليها، لا يمكن أن تقابل بردة فعل خالية من كل شعور انساني ورسالي.

والاصطفاف العشائري القبلي للاطباء مع زميلهم لم يكن تضامناً لأنه تجاوز حدوده الى قلة التهذيب كما شاهدنا عبر التلفزيون، وقيلت فيه عبارات لا تليق بتلك الطبقة المتعلمة، والمثقفة مبدئياً. أما النقيب انطوان البستاني فحدّث ولا حرج، فإن السكوت عنه جريمة، لأنه لم يرقَ الى مستوى المركز الذي يتبوأ، ولا تمكن من معالجة المشكلة انطلاقا من موقعه وسلطته، أو حتى لجوئه الى القضاء لنقض امر التوقيف بحق الطبيب، أو تفنيد ما ذهب اليه بعض الاعلام في ما اعتبره الاطباء تحاملا أو ارتكابا لخطيئة، ذلك ان طريقة الرد افقدت القضية احقيّتها، واستعماله عبارات ملتبسة في مضمونها ومعناها، وتنحو الى الاثارة، جعلت محاولة استمالة التعاطف خطة معاكسة اثارت قرفا واشمئزازا واستنكارا وتكتلا في وجه النقابة.

لا لمزيد من الاثارة، بل على النقابة ان تحسن التصرف، وان تقيم لجنة للتحقيق في الاخطاء الطبية، تُطعَّم بأحد القضاة، تمارس دورها بفاعلية فلا تترك مجالا للّبس وتوزيع التهم واثارة الشكوك.