في بلد المئة أزمة لا يمكن أن يمرَّ يومٌ على خير، ففي كل أزمة أكثر من لغم وأكثر من قنبلة، ونادراً ما يمرُّ يوم من دون أن ينفجر لغم أو أن تنفجر قنبلة:
من رئاسة الجمهورية التي مرَّ على الشغور فيها عامان وأربعة أشهر، إلى مجلس النواب الذي يعيش على تمديدَيْن حتى الآن، إلى الحكومة التي هي أكثر من معتكفة وأقل من مستقيلة، فإذا التأمت ففي اجتماعات نقاش وليس في جلسات إنتاج.
ومن مؤسسات تركيبة النظام إلى الإدارات التي هي على تماس مع هموم المواطن:
من أزمة النفايات التي يحتفل اللبنانيون مطلع الشهر الأول من السنة الجديدة بمرور عامين على اندلاعها، إلى أزمة شحِّ المياه التي حوَّلت اللبنانيين رهائن لدى أصحاب الصهاريج، إلى أزمة تقنين الكهرباء التي جعلت اللبنانيين أيضاً تحت رحمة أصحاب المولِّدات، إلى أزمة الزيادات في الأقساط المدرسية وأسعار الكتب، إلى أزمة ازدحام السير المضني الذي يجعل المواطن يهدر الوقت وجزءاً من صحته وأعصابه على الطرقات.
اضافة الى وجود 450 ألف فلسطيني أُضيف إليهم خمسون ألفا من فلسطينيي سوريا الذين نزحوا إلى لبنان، ومليونا نازح سوري ليست مضمونة عودتهم إلى ديارهم، وعليه بماذا نتلهى نحن؟
***
وإذا أكملنا في التعداد فقد لا ننتهي، وقد تتفرَّع الأزمات فتبلغ المئات بدل المئة.
ماذا يفعل السياسيون في هذه الأثناء؟
يتنقَّلون من موعد إنتخابي إلى موعد إنتخابي آخر، والموعد الأكثر حداثة هو آخر هذا الشهر، ومن اليوم وحتى ذلك التاريخ يجري إلهاء الناس بالسلال.
أصعب ما في قضية سلَّة من هنا وسلَّة من هناك، أنَّ بكركي التي لا يريد سيِّدها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي اتفاقات مسبقة وإلا ماذا يفعل الرئيس بعد انتخابه؟
اما بنظر عين التينة، لا تريد العودة إلى مماحكات العهود السابقة، حيث أنَّ تشكيل الحكومة يستغرق أكثر من ستة أشهر وإعداد البيان الوزاري يستغرق شهوراً، إلى درجة أنَّ كل حكومة، لتبدأ تعمل، يستغرق الأمر أكثر من سنة:
بين استشارات التكليف، ثم استشارات التأليف، ثم التأليف، ثم البيان الوزاري، ثم مناقشة البيان الوزاري للمصادقة عليه، ثم التسليم والتسلم بين الوزراء، ثم اعطاء فترة سماح للوزراء ليدرسوا الملفات، فأين يكون قد أصبح البلد؟
***
لنضع السلال جانباً، ولنعِد تشكيل السلطة، ففي كتاب الدستور الحلول، أما إذا بقيت المماحكات قائمة فإنَّ الجميع سيحظون بسلّة فاضية وعندها ماذا تنفع الشروط والشروط المضادة؟