ماذا يقول الناس، عن بلدهم، وقد اجتاحته عواصف الغضب، وضربته آلام الخوف؟
كان الأديب محمود تيمور يتفرج على الكارثة، ويلاحق الكوارث والمشاكل، لكنه راح يداعب الفواجع، من غير أن يرتاح الى مخالب الخوف واليأس.
الناس، لم تعد تقوى على مواجهة الاعصار الذي اجتاح بروكسل.
وليس في الأفق مَن يقنع بريطانيا وفرنسا وايطاليا، بأنّ القارة الأوروبية، يمكن أن ترتاح يوماً، بعد العاصفة البلجيكية، المدمرة لكل المواقع الأوروبية والشرق أوسطية.
لا أحد يمكنه أن يرتاح الى العاصفة البلجيكية وقد حصدت عشرات القتلى والجرحى.
والوطن الأوروبي الغارق في جحيم الخراب، لا يمكنه أن يستقر، والارهاب يجتاحه من كل الجهات.
القصة ليست قصة داعش، بل قصة الداعشيين في كل زمان ومكان!!
كان الرئيس شارل دباس، يقول إن اللبنانيين مصابون بأمراض القلق والخوف، لكنهم أقوياء عند الشدائد.
والناس، وقد أحاطت بهم قوى الشر، من كل حدب وصوب، باتوا لا يخافون الا من ضربة مفاجئة، تضربهم في مواقع حساسة، ولا تجعلهم يخلدون الى الراحة.
وعندما ضربت أوروبا، مكامن الخوف في بلادهم، أدركوا أن البلاد باتت تميل الى الغروب، لأن الشروق صعب الأوان، في زمان العجز والارتياب.
وعندما قرر القابضون على مخالب القوة، وجدوا أن القوة جبارة في موازين الاعتدال.
ولبنان، بلد الحريات لا تنفع معه مخاوف الانهيار، فهو أجدى من سواه، عندما يقرر الانحياز الى مواقع القوة لا الى أماكن الانهيار.
والقوة أجدى من سواها، ساعة تكون مهددة بالزوال… هكذا كان يقول رجالات الاستقلال لسواهم.
أراد ذات مرة، الوزير محي الدين النصولي، أن يعتصم بالروية، في زمان الانهيارات، لكنه اكتشف أن الحرية المتوازنة أجدى من الحرية الغارقة في المستحيلات.
هل يصح أن تغرِق الآلة، مما أصاب الحذاقة؟
والجواب أن الحذاقة أجدى من العلماء حيناً، ومن العماء أحياناً.
كان طه حسين، لا يقوى على المزاعم تأتيه من هنا وهناك، حول مبادئ العلم.
لكنه كان القوي الذي لا يجارى، – وهو ضرير – في مواجهة جبروت الأقوياء والأغنياء.
ذهب الأديب مكسيم غوركي الى ملاحم الأدباء الروس، لكنه اكتشف أن الأدباء يتعبون ولا يرتاحون، لأن الراحة بالنسبة اليهم هي علوم بلا حدود.
ومع ذلك لم يفقد يوماً صبره، بل عمد الى المواجهة دائماً.
والصراع، على حبّات الرمال، ليس عيباً، يقول ميخائيل نعيمة، لكن العيب الأكبر، هو الاستسلام أمام النكبات.
لبنان الآن يواجه حفنة من الكوارث، لكنه، في قرارة نفسه، يقول إن الكارثة الكبرى، أن يفقد الصبر عند أول مواجهة تنتابه.
ولعل الراحة لا فائدة منها، اذا ما فقد صاحبها فرصة المواجهة، وانهار عند أول مظاهرة بأس واضطراب!!