Site icon IMLebanon

انقلاب وحرب أهلية وصراع اقليمي ودولي

الحوثيون لعبوا أوراقهم بذكاء على مراحل: باردة وحارة، مكشوفة ومستورة. ضمنوا في اللعبة الجيوسياسية دعم ايران الراغبة في اضافة صنعاء الى بغداد ودمشق وبيروت كمراكز لنفوذها الاقليمي. وضمنوا في اللعبة المحلية تحييد أو شل الجيش اليمني عبر نفوذ علي عبدالله صالح الذي خاض معهم ست حروب خلال رئاسته، ثم تحالف معهم للانتقام ممن أخرجوه من السلطة بالمبادرة الخليجية. شاركوا في انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيساً وفي مؤتمر الحوار الوطني وصوغ مخرجاته ثم اعترضوا على كل شيء وسيطروا عسكرياً على صنعاء. وفرضوا على هادي والمبعوث الأممي جمال بن عمر ومعظم الأحزاب اتفاق الشراكة والسلم ثم رفضوا تنفيذه.

أسقطوا الحكومات التي طالبوا بتأليفها. وتلاعبوا برئيس الجمهورية الضعيف الذي تصور أنه يوظف قوتهم لمصلحته قبل أن يحاصروه ويجبروه على الاستقالة. وليس الاعلان الدستوري الذي حلوا بموجبه مجلس النواب وشكلوا مجلساً وطنياً يختار مجلساً رئاسياً يختار بدوره حكومة سوى استكمال شكلي للانقلاب الواقعي.

كل ذلك، وزعيمهم عبدالله الحوثي يدير اللعبة من الكواليس. لكنه دخل وأدخل اليمن في مأزق، بمقدار ما جعل أميركا والأمم المتحدة ودول الخليج في ورطة. فلا هو يستطيع أن يحكم اليمن منفرداً، وإن سيطر بالقوة على عدد من محافظاته وتحكّم بها. ولا هو تمكن من اقناع القوى الأساسية ب المشاركة التي هي عملياً مجرد ديكور لسلطة الحوثيين، وإن بدا بعضها في مشهد الانقلاب.

فضلاً عن أن المجال مغلق أمام اعادة الإمامة، وإن كان التفكير فيها من طبائع الأمور في حركة اسمها أنصار الله. أولاً لأن الدنيا تغيرت كثيراً في اليمن منذ انقلاب السلال على الإمام البدر في أوائل ستينات القرن الماضي. وثانياً لأن الحوثيين أقلية ضمن أقلية، إذ هم ثلث الزيود المنتمين الى الشيعة الزيدية والذين هم ثلث أهل اليمن، والبقية من السنّة الشوافع، والمنطقة كلها غارقة في صراع مذهبي لم يعد مكتوماً في اليمن. وثالثاً لأن تحالف الحوثيين مع ايران تجاوز السياسة الى شيء من الايديولوجيا بالاقتراب من الشيعة الاثني عشرية، وبالتالي فان ولاية الفقيه هناك ولا محل لأية إمامة أخرى.

وليس الانقلاب الحوثي سوى فصل في كتاب الحرب الأهلية المدعومة بصراع اقليمي ودولي. فالقبائل مسلحة وجاهزة للقتال. والجنوب مستنفر سياسياً للمطالبة بالانفصال أو عودة الاستقلال. القتال مستعر أصلاً بين أنصار الله وبين أنصار الشريعة التابعين لمنظمة القاعدة. والصراع الجيوسياسي يقود الى ساحة مهمة اضافية للحرب بالواسطة بين ايران والسعودية. والسيطرة على باب المندب تدفع مصر والدول الكبرى الى ساحة المعركة.

والنهاية بداية