Site icon IMLebanon

الانقلاب” بلا خداع!

لا يدري اللبناني “المتلقي” موجات الابتكارات اللفظية التي تسعى الى تسويغ الشلل الزاحف على مفاصل الدولة والمؤسسات ما اذا كان عليه ان يصم آذانه ويعمي بصره أم يستسلم لمسلسل استهباله اليومي. تجري مع تقدم طلائع الازمة الحكومية الواعدة باكتمال نقل الفراغين الرئاسي والبرلماني بزعرور الشلل الحكومي عملية تعبئة منهجية لادخال البلاد في الفصول الاقرب الى التهويل بطبائع انقلابية، وهي لا تحتاج في توقعاتها الى العرافات وقارئات الكف. تجري هذه العملية تحت عناوين الملفات الداخلية المتشابكة على وقع عد عكسي للفصول الاشد هولا في الحرب السورية التي يُفتضح معها اكثر فأكثر الخبث الدولي والذي من شواهده الناطقة التفرج على مآس ومجازر نادراً ما عرفتها البشرية.

يراد لنا ان نبتلع الوهم والخداع وان نصدق ان ملف التعيينات الامنية بات الكأس الذي فاض به كيل الجمهورية العاثرة البلا رأس منذ سنة وشهر والتي بلا برلمان بعدما تحولت وظيفته عدّاداً صامتاً آلياً لجلسات الضحك على الذقون لانتخاب رئيس الجمهورية المغيب وتعطلت معه جلسات التشريع وترك الناس على ارصفة الفوضى.

يراد لنا ان نحني الرؤوس كلما طلع علينا عظيم ومنظّر “استراتيجي” (لم يعد هناك في لبنان من يرتضي ألا يكون في هذه المرتبة) لإغداق أفضالهم علينا في اكذوبة الفصل بين التصعيد الداخلي والجحيم الخارجي لإسباغ مشروعية مزعومة على دفع لبنان الى الهاوية. بل يراد لنا اكثر ان نصدق ان سفراء العالم، المتورط حتى العظم في التفرج والتواطؤ على حروب المنطقة، هؤلاء السفراء هم صِمَام اماننا ومظلة حمايتنا من انجراف السياسيين المتهورين وان لا خوف على لبنان ما دامت عيونا حنونة دولية ترمقنا ولو عند الهاوية.

آخر التقليعات المواكبة للأزمة الحكومية ان التصعيد مضبوط تحت سقوف وخطوط حمر داخلية واقليمية ودولية. ولكن ألم يكن الوضع مماثلا عندما شغرت كرسي بعبدا؟ لماذا سمح إذاً بالفراغ؟ ثم لماذا سمح بتمدد التعطيل الى مجلس النواب وبعده الى الحكومة؟ واي ضبط مزعوم هذا فيما لا يخفى على احد ان هذا الذي يجري ليس إلا خريطة طريق لدفع لبنان الى الهاوية؟ حتى الافرقاء الذين يرفعون لواء التصعيد تراهم لا يأبهون لتبشير الناس بتقويض الحكومة تحت معادلة ولا اغرب هي إخضاعها للاشتراطات الخارجة عن “توافق الضرورة” المثبت في آلية عمل مجلس الوزراء، ومن ثم التهويل على القوى الشريكة بوجوب عدم اتخاذ أي اجراء “تصعيدي” يستفز المصعّدين! ماذا يسمى ذلك غير انقلاب زاحف يراد لمفاعيله ان تتكرس تباعاً “بهدؤ”؟ ليتهم يغدقون علينا اخيرا بتسمية غير مخادعة لآخر افضالهم وبرعاية الدول التي تتغنى بالاستقرار في لبنان!!