IMLebanon

إنقلاب… أم خلط أوراق

قال الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان عشية لقائه الرئيسَ الروسي فلاديمير بوتين في سان بيترسبورغ اليوم، أن «لا يمكن حلّ الأزمة في سوريا من دون الشراكة مع روسيا».

والسؤال الذي يطرح نفسَه هو، إلى أيّ مدى يمكن أن يذهب أردوغان في شراكته مع بوتين؟

هل هو في صَدد قيادة انقلاب على السياسة الخارجية والتحالفات الاستراتيجية التركيّة؟

وهل يتخلّى عن الولايات المتحدة الأميركية لعقدِ شراكة جديدة مع روسيا؟

وهل يبتعد عن حلف شمال الأطلسي؟

وهل يسَلّم بالخيار الروسي في النزاع السوري، ويتخلّى عن فكرة تنحيةِ الرئيس بشّار الأسد؟

يحاول الغرب التخفيفَ من تحميل زيارة أردوغان أكثرَ ممّا تحتمل، فيما يحاول الحلف الروسي الإيراني السوري تضخيمَ الاستدارة التركية وجعلَها انتصاراً لاستراتيجية أعضائه.

سيبتسم بوتين اليوم؛ يهمّه أن يُظهر أنّ روسيا قوّة لا يُستغنى عنها، وأنّها وأصدقاءَها يَربحون المواجهة في سوريا، وأنّ الولايات المتحدة تخسر، وأن لا حلّ سياسياً بدون كسرِ المعارضة وتقوية النظام السوري.

وسيبتسم أردوغان؛ فهو أيضاً لديه حساباته وطموحاته:

أوّلاً: يهمّه أن يُظهر تعدّد خياراته في حماية المصالح التركية.

ثانياً: يعبّر عن خيبة رهاناته على سياسة الانكفاء الأميركية وعدم التزام الرئيس الأميركي باراك أوباما تعهّداته وخطوطه الحمر في النزاع السوري، حتى إنّ خطّته الأخيرة لم ترُق لكبار مسؤولي البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأميركية ووزارة الخارجية.

ثالثاً: ليس لديه ما يخسره مع الاتّحاد الأوروبي بعدما تيقّنَ من أنّ أعضاءَه لن يسهّلوا انضمام تركيا إليه، إضافةً إلى رفضِ حلفاء أنقرة سياساتها الداخلية في مواجهة الانقلاب الذي أجهضَته، ما جعلَ أردوغان يلجأ إلى بوتين لتوفير مظلّة لِما يقوم به من تطهير شامل في بلاده.

رابعاً: يريد أردوغان إحياءَ مشروع خط أنابيب الغاز الروسي عبر الأراضي التركية، ومساعدة موسكو في إنشاء محطة نوَوية.

غير أنّ قنوات دبلوماسية غربية لخّصَت قراءتَها للتقارب الروسي التركي في النقاط الآتية:

أوّلاً: إنّ الاتفاق بين بوتين وأردوغان قد يهدّد فعلاً المصالح الأميركية والغربية في منطقة الشرق الأوسط.

ثانياً: قد يشكّل التفاهم الروسي التركي مدخلاً لحلٍّ في سوريا، إذ سبقَ للكرملين أن لمَّح في الفترة الأخيرة إلى أنّ بقاء الأسد في حدّ ذاته ‏لا يشكّل أولوية روسيّة، وأنّ هدفَ موسكو الرئيسي والاستراتيجي ‏هو ضمان مصالحها الحيوية، ولا سيّما منها استمرار قواعدها العسكرية البحرية والجوّية في الساحل السوري.

وهذا الأمر يفتح بابَ التكهّن في أن تكون موسكو مستعدّة ‏للدخول في مقايضة عنوانُها الأسد في مقابل المصالح الروسية، كثمنٍ لتفاهمٍ طويل المدى مع تركيا.

ثالثاً: لن تخرج تركيا من حلف الناتو لتدخلَ في الفلك الروسي، خصوصاً وأنّ ‏ثلاثة أرباع الاستثمارات الخارجية في تركيا تأتي ‏من الغرب.

‏ مهما تعدّدت التحليلات والتوقّعات، الأكيد أنّ القمّة الروسية التركية تكتسب أهمّية بالغة في هذا التوقيت المفصلي، حيث يُعاد رسمُ خريطة المنطقة.