تبدو الساعات المقبلة حافلة بإعلان وتسجيل اللوائح الاخيرة، بعدما حُسمت التحالفات التي كانت عالقة في بعض الدوائر نتيجة التجاذبات وشدّ «الحبال» ما بين الأطراف السياسية البارزة في كل الدوائر تقريباً. وبات القاسم المشترك ما بين غالبية اللوائح التي باتت منجزة، يختصر بالإنقلابات المصلحية، والإزدواجية السياسية والشخصانية و«المالية» في التحالفات والخيارات، والتي ستظهر أيضاً في الاقتراع المرتقب، علماً أن القوى السياسية المنخرطة في الإستحقاق الإنتخابي المقبل، قد عبّرت، وفي أكثر من مناسبة عن احتجاجها واعتراضها على قانون الإنتخاب ومجريات تنفيذه المعقّدة و«المبهمة»، لا سيما لجهة اقتراع المغتربين في الخارج، وما كان طرحه النائب أنطوان زهرا في هذا الإطار، والتي تضع الجميع أمام مسار خطير نتيجة التحوّل في الأحجام والتكتّلات النيابية في البرلمان الذي سينبثق عن انتخابات العام 2018.
ولغاية اليوم، ترى مصادر نيابية مواكبة لمجريات العملية الإنتخابية، أنه كان من الممكن تدارك كل هذه الإعتراضات لو لم يتم إقرار القانون بشكل خاطف، وربما مباغت لكل الأطراف السياسية التي عملت وشاركت في مناقشته لفترة طويلة جداً. وأكدت المصادر النيابية، والتي عزفت عن الترشّح في هذا الإستحقاق الإنتخابي، أن النقد الحاد الذي يوجّه الآن إلى القانون الإنتخابي الجديد ليس موضوعياً، لافتة إلى أن المنتقدين هم أنفسهم الذين أشادوا بهذا القانون وبمبدأي «النسبية» و«الصوت التفضيلي» لدى التوافق على إقرار هذا القانون في مجلس الوزراء كما في المجلس النيابي.
وبالتالي، فإن الفرصة التي منحها قانون الإنتخاب لكل الفئات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والمدنية باقتحام اللوائح، تحمل مؤشّرات واضحة على أن حسن التمثيل بات ممكناً ومتاحاً، كما أضافت المصادر النيابية ذاتها، وذلك على الرغم من بعض الإصطفافات والتحالفات الغريبة التي سُجلت في بعض الدوائر. وأكدت أن قرار المستقلين وممثلي المجتمع المدني في خوض غمار المعركة الإنتخابية النيابية، وهم على علم مسبق باتجاهات الشارع وميوله، لا بد أن يشكّل علامة فارقة تكرّس الوجه الديمقراطي للإستحقاق الإنتخابي، وتشكل الردّ الحقيقي على كل الإعتراضات والشكاوى التي ترد بشكل يومي في خطاب الأطراف السياسية في السلطة أو في المعارضة، والتي تغنّت بالنسبية المنقذة لحسن التمثيل وتصويبه أو بالصوت التفضيلي وانعكاساته الإيجابية على الأقلّيات، وبشكل خاص على المسيحيين.
وفي زحمة اللوائح المعلنة تباعاً في الساعات الماضية، تسأل المصادر النيابية نفسها، إذا كان يحق لاي كان أن يطلق الإتهامات، وذلك في الوقت الذي عمدت فيه كل القوى السياسية إلى توزيع الحصص وفق توازنات مختلفة في كل دائرة انتخابية بحيث بات التعاون ظرفياً، وبات منطق العودة إلى مجلس النواب العتيد على رأس كتلة وازنة هو القاعدة لأي تحالف أو حتى لأي برنامج انتخابي يستوحي عناوينه انطلاقاً من الأزمات التي يعانيها المواطنون في كل المناطق من دون استثناء.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فقد توقّعت هذه المصادر، نشوء طبقة سياسية مختلفة بشكل شبه كلي عن الطبقة الحالية، ولو أن بعض الرموز باقية، لافتة إلى أن الوعود الإنتخابية لم تنجح في إضفاء أجواء حماسة لدى الناخبين، أو في تطمينهم إلى المستقبل الغامض في ضوء الحديث المتنامي عن تراجع الوضعين المالي والإقتصادي.