IMLebanon

مصدر قضائي: الاستدعاءات ليست دعوات لسهرة عرس لتُقبل أو تُرفض!

 

تداعيات الاستدعاءات القضائيّة… قد تدفع القاضي صوّان إلى التنحّي!

 

تسارعت إرتدادات وتداعيات الإستدعاءات القضائيّة خلال الساعات القليلة الماضية، حيث أنّه وبعد صُدور بعض الإعتراضات على الإستدعاءات التي حصلت في دعوى ملفّ وزارة المُهجّرين، تصاعدت حدّة الإعتراضات وتوسّعت في ملفّ الإثراء غير المَشروع الذي جرى فيه إستدعاء مجموعة من كبار الضبّاط السابقين للتحقيق. وما أن ادّعى المُحقّق العدلي القاضي فادي صوّان أمس الأوّل الخميس على كل من رئيس حُكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، وثلاثة وزراء سابقين هم علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر، وذلك في قضيّة إنفجار مرفأ بيروت، حتّى انفجرت الإعتراضات على الإستدعاءات القضائيّة بشكل علني وكبير، مع بروز إلتقاء قوى وشخصيّات عديدة ومن مشارب سياسيّة مُتناقضة، على رفضها. فكيف ستنتهي تداعيات هذه الأزمة المُستجدّة؟

 

بحسب أوساط سياسيّة مُعترضة على ما يحصل في الملفّات القضائيّة، «إنّ تصرّفات مُريبة تحصل في أكثر من ملفّ، بتحريك سياسي إنتقامي في كثير من الأحيان، وبتأثّر من الإعلام ومن الضغط الشعبي في بعض الأحيان». ورأت أنّه في ملفّ إنفجار مرفأ بيروت، «إذا كان الإدعاء على رئيس حُكومة تصريف الأعمال وثلاثة وزراء تمّ بناء على جرم الإهمال والتقصير والتسبّب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص، بحسب ما جاء في تبرير الإدعاء، فإنّ هذا الأمر لا بُد وأن يشمل كلَّ من كان على علمٍ بوُجود نيترات الأمونيوم في المرفأ، وهذا يقودنا إلى مجموعة واسعة من رؤساء الحكومات والوزراء الذين تعاقبوا على السُلطة خلال مرحلة تخزين هذه المواد الخطرة في المرفأ». وتابعت الأوساط السياسيّة نفسها أنّ هذه التهمة «تنطبق حتى على رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون الذي كان أعلن علنًا وصراحة، أنّه كان على علم بالشحنة، ولوّ أنه قال إنه لم يعلم بالأمر سوى قبل فترة وجيزة من حُصول الإنفجار، وأنه أعطى الأوامر للتعامل معها بالشكل المناسب». وأضافت أنّه «إذا كان إستدعاء رئيس الجمهوريّة للتحقيق، يستوجب سلسلة من الإجراءات التي لا يُمكن تنفيذها بسهولة، وإذا كان استدعاء بعض رؤساء الحُكومات والوزراء السابقين غير مُمكن بسبب حصانات مُعيّنة، هل نقوم بانتقاء من «حيطه واطٍ» (جداره مُنخفض) لجعله كبش محرقة، وبانتقاء بعض الوزراء الذين نريد إطلاق النار السياسي على أحزابهم وتيّاراتهم؟!»

 

ورأت الأوساط أنّ باقي الملفّات ليست أفضل حالاً، وسألت: «هل كل وزارات الدولة تتمتّع بالشفافيّة والعمل فيها نزيه وخال من الشوائب، باستثناء وزارة المُهجّرين التي يُعشعش فيها الفساد؟!» و»كيف صادف أنّ مجموعة كبار الضُبّاط التي جرى إستدعاؤها للتحقيق، وفق قانون إلإثراء غير المشروع، مُصنّفة في خانة واحدة مُناهضة لطرف سياسي فاعل حاليًا؟!

 

في المُقابل، أبدى مصدر قضائي إستغرابه للحملة الحالية على القضاء، مُشيرًا إلى وُجود تناقض كبير لدى الكثير من المُنتقدين اليوم، حيث «يُطالبون بأن نبدأ بمُكافحة الفساد من مكان ما، أيّا يكن، وبأن لا تكون هناك غيمة فوق رأس أحد، وبأن تشمل العدالة كبار المسؤولين، وبأن لا تقتصر على صغار الموظّفين والمأمورين، ومن ثم يستنفرون سياسيًا وطائفيًا ومذهبيًا، وذلك ما أن يتمّ فتح أي ملف في أيّ وزارة أو مؤسّسة، وما أن يتمّ إستدعاء أي مسؤول سياسي أو أمني إلى القضاء للتحقيق معه!». وأضاف: «من قال إنّ الملفّات ستقتصر على مجموعة من الضباط وعلى وزارة واحدة؟ ومن قال إنّ الإستدعاءات القضائيّة في ملف إنفجار المرفأ ستقف عند هذا المسؤول أو ذاك دون سواه، ومن قال إن التحقيقات إنتهت وخُتم الملفّ، ومن قال إنّ الذين طُلبوا للتحقيق أُدينوا سلفًا، حتى تحرّكت أعداد لا تُحصى من المُعترضين بهُجوم مُستغرب على القضاء، بحجّة الإعتراض على الإستنسابيّة والإنتقائيّة حينًا، وبذريعة رفض مُحاولات القضاء إيجاد مكسر عصا لإرضاء الرأي العام؟!». وتابع: «لو كان صحيحًا أنّ القضاء يتحرّك بخلفيّات وبتوجيهات سياسيّة، لما شهدنا دفاعًا مُوحّدًا مُتعدّد الولاءات السياسيّة إلى درجة التناقض، عَن بعض الشخصيّات التي تلقّت دعوات للمُثول أمام القضاء». وأشار المصدر القضائي ساخرًا إلى أنّ «الإستدعاءات القضائيّة ليست دعوات لسهرة عرس، حتى يقبلها أو يرفضها المُتلقّي، اذ انّ تلبيتها مُلزمة، وهي واجب على كل مواطن يحترم القانون ويثق ببراءته، بغضّ النظر عن موقعه! وأضاف: «من واجب الجميع الحُضور أمام المُحقّق أو القاضي، وإلا فإنّ هيبة القضاء ستُصبح في الحضيض، وفي حال بقاء الخطوط الحمراء والدروع السياسيّة والطائفيّة والمذهبيّة في خدمة المَطلوبين إلى التحقيق، لا يُطالبنا أحد بعد اليوم بتطبيق العدالة بجرأة على كبار المسؤولين، والأفضل عندئذ أن نذهب ونجلس في بيوتنا!».

 

ولم يستبعد المصدر القضائي أن تؤدّي التطوّرات المُتسارعة في الملفّات القضائيّة، إلى اتخاذ القاضي صوان قرارًا بالتنحّي عن ملفّ جريمة المرفأ، على الرغم من الدعم المَعنوي الذي حظي به من مجلس القضاء الأعلى الذي أكّد أن التحقيق في انفجار المرفأ يتمّ بدقّة وتأنّ مع ما يتطلّبه ذلك من إحترام للأصول القانونيّة والعلميّة التي تحكم هذا النوع من الجرائم. وختم قائلاً: «للقُضاة كرامتهم، وللقُضاة حُدود لصبرهم ولتحمّلهم الإفتراءات من كل حدب وصوب!».