بالإذن من مندوب المملكة العربيّة السعودية عبدالله المعلمي في الأمم المتحدة؛ فإنّ مطالبته بالأمس مجلس الأمن «بوضع حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية»، فإننا قد سبقناه إلى هذا الأمر، ومن هذا الهامش بالذات في 6 شباط العام 2013 وتحت عنوان: «نعم، لوضع حزب الله على لائحة الإرهاب»، فكيف لدولة بحجم المملكة مع كلّ ما يحدث في لبنان منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكلّ ما يحدث في المنطقة العربية، الخليجيّة منها خصوصاً، من البحرين إلى اليمن إلى الكويت إلى كلّ مكان دسّت فيها إيران يدها لتعيث فساداً في الأرض العربيّة عبر حزب الله و»فروعه» الإقليميّة، لقد تأخرت المملكة كثيراً في رفع هذا الأمر لمجلس الأمن، وتأخّرت كثيراً، بل تأخّرت ثلاثة عقود ونصف على إقفال الباب في وجه التمدّد الإيراني الخبيث وتفشيه السرطاني في الجسد العربي، ونسأل الله ألا يكون «قد فات أوان» إنقاذ ما يمكن إنقاذه!!
في هامشنا في 6 شباط العام 2013 كتبنا: «لطالما راهن حزب الله على هذه المعادلة السؤال: «كيف يمكن وضع حزب انتخبه اللبنانيون للبرلمان على قائمة إرهابية؟» حتى لو ارتكب الحزب جرائم إرهابية كبرى على مستوى العالم منذ ثمانينات القرن الماضي ولم يُحاسب عليها، ربما يكون وقت الحساب قد حان، عن إرهاب سابق وإرهاب لاحق، فأجندة الحزب لا يتم تنفيذها إلا بإرهاب اللبنانيين والمنطقة!!»، جاء هذا الهامش عقب إعلان بلغاريا تورّط حزب الله في تفجير حافلة فيها، ونحن لم نسق هذا «الرأي» اعتباطاً، بل وثّقنا له آنذاك بكلام للرئيس الشهيد رفيق الحريري: «في اللقاء الشهير الذي جمع وليد المعلم وزير خارجية النظام السوري في دارة قريطم مطلع العام 2005، أبلغ الرئيس الشهيد رفيق الحريري لوزير الخارجية المعلم ما حرفيّته: «قبل قليل علمت من الاسبان أنهم سيضعون حزب الله على لائحة الإرهاب. هل تعلم من يمنعهم؟ الفرنسيون. هل تعلم من يمنع الفرنسيين؟ أنا. لماذا؟ فأنا مختلف معكم ويمكن أن يستعملوا حزب الله ضدي»، ذاك اللقاء الشهير سنسمعه هذه المرّة على الملأ يتردّد عبر الشاشات من لاهاي إلى بيروت، يومها كتبنا أيضاً: «كان هذا الخطأ الكبير والمميت الذي ارتكبه الرئيس رفيق الحريري بحقّ نفسه، ففي ذاك الوقت تحديداً كان حزب الله متورط بشكل كبير ستكشف تفاصيله المحكمة الدولية لأجل لبنان، ويزيد شبهة تورط الحزب ادّعاءه قدسيّة ما لمقاتليه ورجاله والتهديد بقطع اليد التي ستمتد لواحد منهم!!».
الأيام المقبلة ستشهد ردود فعلٍ عنيفة من حزب الله و»مستلحقيه» تجاه المملكة العربيّة السعوديّة، وستعلو نبرة التهديد والوعيد، بما يقود لبنان إلى بؤرة توتّر شديدة الخطورة على رغم حال الضعف الداخلي التي يعاني منها الحزب.
بالأمس أعلن المندوب السعودي مطالبة تأخرت كثيراً، ونميل إلى الظنّ بأنّ هذه المطالبة ستأخذ طريقها لتصبح أمراً واقعاً دولياً، وعندها سيكون لبنان في وضعٍ لا يُحسد عليه لا داخلياً ولا خارجياً، ولا بُدّ لنا هنا من التوقّف عند إعلان «المعلمي» أنّ «الرياض ماضية في مواجهة الإرهاب على كافة الأصعدة»، لنتساءل؛ عن مواجهة المملكة للإرهاب الإيراني الذي بات عند حدودها مع اليمن، عبر ذراعها «الحوثيّة»، وهذا الإرهاب على وشك الانقضاض على بلاد الحجاز تمهيداً للوصول إلى الحرمين الشريفيْن، وبقدر ما ارتحنا بالأمس لنجاح خادم الحرمين الشريفيْن في وضع حدٍّ للعبث القطري بالأمن المصري عبر إرهاب الاخوان، لا نخفي قلقنا من الخطر المحدق بالمملكة من جهة اليمن، وبعد مطالبتها بالأمس في المحفل الدوليّ في مجلس الأمن بوضع حزب الله على لائحة الإرهاب يزداد هذا القلق حدّة، على لبنان وعلى المملكة على حدّ سواء.