Site icon IMLebanon

العهد والثّمن الكبير  

 

ليت العهد الذي لا يزال ساكتاً عن تحديد موعد الاستشارات النيابية ظلّ ساكتاً ولم ينطق بكلام أعاد شحن الثورة وطرقاتها شهراً إلى الأمام، فهو بإصراره بضربه عرض الحائط بمطالب اللبنانيين أبدى أنّه مستعدّ أن يُفرّط بلبنان وطناً وشعباً، والخوف أن الثّورة سبقته بخطوات وسيكلّفه اللحاق بمطالبها الكثير والثّمن الكبير!

 

والعهد الساكت والمتجاهل تحديد موعد إستشارات نيابيّة اضطر بالأمس بطريرك الموارنة في لبنان غبطة بشارة الراعي أن يصرخ بالأمس قائلاً: «نناشد ونطلب من رئيس الجمهورية المباشرة بالاستشارات النيابية من أجل تكليف رئيس جديد للحكومة وتشكيل حكومة تتحمل مسؤوليتها» وهو الأمر الذي يجعل لبنانيين كثيرين يتساءلون: هل يتحمّل العهد مسؤولياته تجاه لبنان وشعبه، أم أنّه ذاهب باتجاه التمادي في تكريس بدعة سيئة تضاف على تاريخ من خرق الدستور والعبث به في تاريخ لبنان السياسي!!

 

دخل لبنان منذ ليل الثلاثاء الماضي مرحلة جديدة من تطوّر الحراك الشعبي الذي أشعل طرقات لبنان بأكملها، مع سابقة بناء جدران إسمنتية في الأنفاق وعلى الطرقات، وما يحدث في لبنان يؤكّد أنّه وبعد أربعة عشر عاماً خرج لبنان من ستاتيكو فرض إليه، على الأقل أحداث الساحة اللبنانية اليوم تؤكد أنّ لبنان لم يعد بانتظار أحداث المنطقة، أو على الأقل أنّ هذه الثورة قد تنجح هذه المواجهة الحقيقيّة والمستمرّة قد تنجح في تحريره من محاولات السيطرة الإيرانية التي لا تكلّ ولا تملّ من عزمها على إحكام السيطرة عليه، وآخرها فصول إصرار حزب الله على تشكيل حكومة بشروطه وعلى مقاسه ومقاس الأجندة الإيرانية، أو لا حكومة!

 

حان الوقت لنتحدّث كلبنانيين بواقعيّة هذه الطبقة السياسية لا تكفّ عن «التكاذب» و»التجاذب» ولا عن لعبة تمرير الوقت بصراعات هامشيّة تسعى لاستنفاد ما تبقّى من طاقة الشعب اللبناني على الاستمرار، ومحاولة إغراقه في مستنقع اليأس والإحباط من لبنان ودولته وسياسيّيه، هذا ما جعل اللبنانيّون يتدفقّون إلى الطرقات غاضبين من كلام رئيس الجمهورية في لقائه التلفزيوني الذي كان العهد في غنىً عنه وعمّا جرّه على نفسه من غضب اللبنانيين!

 

 

نحن نعيش في وطن أسهل الأمور فيه إشعال الـ»فتن» متنقّلة، قتل المواطن علاء أبو فخر أمام زوجته وولده عيّنة من هذه الفتنة، ما حدث بالأمس في منطقة جلّ الدّيب عيّنة من هذه الفتنة،  ومن المؤسف أنّ الحقيقة تكمن في أنّ مصيرنا كشعب وكوطن ليس تحت قبة البرلمان، وليس في السراي الحكومي وليس على طاولة حوار في أي مكان انعقدت، ما يزال مصيرنا بعيد شهر من الثورة رهنٌ بالعقدة الإيرانية التي لا حلّ لها حتى السّاعة وإن اجتمعت دول العالم لتجد هذا الحلّ!

 

لبنان صعب، ويعيش أياماً ومخاضاً صعباً من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه خرج إلى السّاحات، وإماّ أن يولد من جديد وعلى طريقة الأغنية الفيروزيّة «لبنان الكرامة والشّعب العنيد»، وإمّا أن يدخل في نفق المنطقة وثوراتها التي تلاشت وتحوّلت استنزافاً دموياً لشعوبها!!

 

أمام هذه الأحداث المهيبة، من المؤسف أن يظنّ العهد أنّه بمنأى عن السقوط بعدما استقالت الحكومة، ثمة تجارب تهمّشت فيها الرئاسة في النصف الثاني من ولايتها وتحوّل إلى معزولة ومنبوذة من الشعب اللبناني، على الأقل سنوات التمديد الثلاث لولاية إميل لحود ما تزال شاهدة، من المؤسف أن نسمع كلمة «فلّ» تقال للرئيس ميشال عون على الملأ، من الضروري أن يغيّر العهد فريق مستشاريه كلّهم، علّه ينقذ هيبته من السقوط في الشارع لأنّه وحده سيدفع الثمن الكبير!