تتواصل الإشارات الإيجابية على الساحة الداخلية على أكثر من محور حكومي أو أمني ـ حواري، ومن المتوقّع أن تترجم تباعاً من خلال سلسلة خطوات وإجراءات ميدانية تأخذ طريقها إلى التطبيق في بيروت والضاحية الجنوبية بعد البقاع، وهو ما اعتبرته مصادر وزارية مطّلعة، دلالة على نجاح الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» من جهة، وعلى الغطاء الإقليمي للإستقرار السياسي الداخلي قبل التهدئة الأمنية، وذلك للحفاظ على الستاتيكو الحالي، بانتظار الإتفاقات الإقليمية الآتية. وبحسب هذه المصادر، فإن التوافق الحكومي، وإن بدا نتيجة لإرادات سياسية محلية، فهو قد نجم عن التقاطع بين المكوّنات الداخلية لهذه الحكومة وعرّابيها الخارجين، على ضرورة الإلتفاف حول الحكومة الحالية، أو المؤسّسة الرسمية المنتجة، وسط حال المراوحة والتعطيل التي تضرب بقية المؤسّسات. وأوضحت أن الخيارات باتت محصورة أمام القيادات السياسية في 8 و 14 آذار، وتحديداً بين القوى المتحاورة سواء الإسلامية منها أو المسيحية، والتي تجد نفسها محكومة بسقف التسويات والمصالح الخارجية التي باتت تتحكّم بالروزنامة الداخلية، ولا تزال حتى الساعة تركّز على الإستقرار الأمني كأولوية تتقدّم على الإستحقاق الرئاسي.
وأشارت المصادر الوزارية نفسها، إلى أن الإنجازات الأمنية التي تحقّقها الأجهزة الأمنية، كما المؤسّسة العسكرية في الفترة الأخيرة، تحمل في طياتها دلالات كبرى على الحرص الإقليمي، كما الغربي والعربي، على إزالة كل عوامل التشنّج الداخلي الأمني، كما السياسي على حد سواء، وذلك عبر الحوار السنّي ـ الشيعي، أو عبر حكومة «المصلحة الوطنية»، والتي باتت الغطاء السياسي للأجهزة الأمنية، وإن كان القرار الأمني لم يلحظ تعليقاً أو تجميداً مع تعليق جلسة هذه الحكومة خلال الأسبوعين الماضيين.
وفي مرحلة التجاذب حول البرنامج النووي الإيراني، والذي كانت محطته الأخيرة في الكونغرس الأميركي من جهة، وفي الساحات العربية المشتعلة من جهة أخرى، كشفت المصادر الوزارية نفسها، عن وجود مساحة زمنية حافلة بالتوتّر والضغط الأمني، بدءاً من الساحة العراقية مروراً بسوريا وصولاً إلى الحدود اللبنانية ـ السورية. مشيرة إلى أنه من الضروري خلال هذه الفترة، والتي لن تمتد أكثر من أسابيع معدودة، أن يحافظ على الوضع الداخلي اللبناني على مراوحته، بعيداً عن أية أحداث ذات طابع تصعيدي سواء على المستوى السياسي، أو على المستوى الأمني الداخلي بين الأطراف اللبنانية، ولو اقتضى ذلك المزيد من التأجيل للتسويات «الحوارية» المنتظرة في إطار بلورة مشهد الإستحقاق الرئاسي.
وقالت هذه المصادر الوزارية، أن الحوار الثنائي الإسلامي ـ الإسلامي، كما الحوار المسيحي ـ المسيحي، قد رسمت مساراً للهدنة بين شارعي «حزب الله» وتيار «المستقبل»، كما بين شارعي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، وإنما من دون أن تحقيق أي خرق ملحوظ على صعيد الإنتخابات الرئاسية، كون التفاهمات الإقليمية التي أطلقت مشهد الهدنة المحلية لم تؤذن بعد بفتح الباب أمام التسويات الرئاسية ما بين المتحاورين جميعهم ومن دون استثناء.