Site icon IMLebanon

المسؤولية والواجب  

 

بقدر ما أثبت لبنان قدرته على مواجهة COVID-19  وضبطه ضمن حدود معقولة في المرحلة الأولى، بقدر ما تصاعدت الخروقات في انطلاقة المرحلة الثانية، خصوصاً مع عودة المغتربين و”إستلشاق” الكثيرين في الداخل. ولا شك في أنّ رعاية عودة الراغبين من اللبنانيين في دنيا الإنتشار هي واجب رسمي وأهلي. إذ لا يُعقل أن يتخلى لبنان عن أبنائه في الخارج مَن كان منهم إيجابي الإختبار أو سلبيّه.

 

ولكن مواجهة الفيروس اللعين ليست فقط في التدابير الوقائية والطبية، إنما هي تشمل الجميع في سائر نواحي الحياة. فالإلتزام بالتعليمات التي تصدرها وزارة الصحة واجبٌ، وكذلك التقيّد بتوجيهات وزارة الداخلية وقيادة الجيش. وهذا أضعف الإيمان. فالمرء مسؤول عن نفسه، ولكنه أيضاً مسؤول عن الآخرين. وهي مسؤولية مشتركة بين أبناء المجتمع كلهم.

 

ولكنها لا تتوقف عند هذا الحدّ الوقائي، بل تُطاول سائر نواحي الحياة اليومية. خصوصاً ما يتعلق بالتلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي، وبالإرتفاع الهائل في أسعار المواد الإستهلاكية وبالذات الغذائية التي سجّلت أرقاماً مهولة، بحيث بات صغار الكسبة في مأزق حقيقي، إذ إن هؤلاء وهم بالآلاف لا تكفيهم مرتّباتهم وتعويضاتهم الشهرية لتغطية سلّة واحدة في “السوبرماركت”. حتى ليصحّ القول إن الناس “يأكل” بعضها بعضاً.

 

ولقد سُجّلت محاولات ملحوظة لوزارة الإقتصاد، إلا أنها لم تكن كافية ولن تكون، في واقع عدد المراقبين التابعين لها. وإننا ندعو إلى الإستغناء عن مئات الموظفين غير المُنتجين وإستبدال بعضهم (أو تحويله) إلى مراقبين لوزارة الإقتصاد. كذلك يمكن الإستعانة بعناصر الشرطة السياحية لندرة عملهم هذه الأيام، والذين على قلّتهم يمكن أن يُسهموا في مراقبة ما تيسّر من الأسواق. علماً أن ذلك لا يكفي لتخفيف الأذى الذي يلحق بالمستهلك المغلوب على أمره والذي لم يكن مدخوله يوازي بعضاً من تكاليف الحياة حتى أيام إستقرار العملة الوطنية، فكيف به اليوم، أمام هذه الموجة الملتهبة من الأسعار بالتوازي مع موجة الحرّ الخانق.

 

ونود أن نختم متفائلين بقدرتنا على تجاوز هذه الأزمة الصحية وتداعياتها التي ضربتنا في عزّ أزمتنا الإقتصادية – المالية – الإجتماعية. ولا بدّ في سبيل ذلك من الوعي والقيام بالواجب والإحساس بالمسؤولية وتأدية السلطة دورها على الوجه الأكمل.