Site icon IMLebanon

من سيردّ على “الجريمة الجبانة”؟

 

اعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، عقب استهداف إسرائيل سبعة من عناصر «الحرس الثوري» الإيراني في دمشق، الإثنين الماضي، أنّ «هذه الجريمة الجبانة لن تبقى من دون رد». لكن من سيرد… وكيف سيأتي الرد؟

 

والسؤال مشروع، في ضوء ما تظهره الردود المتتالية منذ عملية «طوفان الأقصى»، على فيض من «الجرائم الجبانة» التي مكّنت هذا «الكيان المهزوم» من إبادة عشرات الآلاف من أهل غزة المدنيين، ومن تهجير حوالى مليوني غزاوي، لتحشرهم في رفح بانتظار مصير مجهول.

 

هذا عدا استهداف القيادات في «حزب الله» و»الحرس الثوري» من لبنان إلى «سوريا الأسد» على هامش «حرب المشاغلة» التي أدت إلى نشوء شريط حدودي بأرض محروقة وخالية من السكان، وإلى مطالبة دولية بتنفيذ القرار 1701، وتسليم «حزب الله» المناطق الواقعة جنوب الليطاني إلى الجيش وقوات «اليونيفيل»، وربما إلى المطالبة بنزع سلاح الحزب وتحوِّله إلى حزب سياسي… وإلا الخير لقدام.

 

وفي مقارنة بين نوعية الضربات الإسرائيلية وواقع الميدان، وبين الردود من خلال «حرب المشاغلة» و»وحدة الساحات»، واضح أنّ قدرات محور الممانعة لم ولن تتجاوز «المفرقعات» الكلامية، والإدانات واستنكار تجاوز العدو الإسرائيلي للخطوط الحمر، إن لجهة المواثيق الدولية، التي لا قيمة لها في الدول المستعمرة إيرانيا، وإن لجهة حقوق الإنسان المهدور دمه إذا ما استوجبت مشاريع رأس الممانعة ذلك.

 

ولكن يبقى السؤال المشروع: من سيرد على «الجريمة الجبانة» التي استهدفت قادة «الحرس الثوري» في دمشق؟

 

منطقياً، المفروض برأس المحور الذي يغذي أذرعه بالمال والعتاد والنفوذ على حساب الشعب الإيراني أن يطالب هذه الأذرع بتأدية أدنى واجباتها، لجهة تنفيذ الأجندات وتطبيق مبدأ «وحدة الساحات»، ليس لتحرير القدس بالطبع، ولكن لإبقاء المعادلات القاضية بمصادرة سيادة الدول الواقعة تحت سيطرته، ليتمكن من بسط نفوذه، وفرض نفسه قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها، وبالحديد والنار والدمار. ويبدو أنّ الأذرع تقوم بهذا الواجب على أحسن وجه، كما أوضح بيان «حزب الله» الذي اعتبر أنّ «العدو الإسرائيلي ما زال على حماقته حين يعتقد أنّ تصفية القادة يمكن أن يوقف المدّ الهادر لمقاومة الشعوب».

 

فالمهم هو «المد الهادر»، من دونه ينعدم الوجود الإيراني. وواجبات الأذرع في هذه المستعمرات المحافظة على وجودها أولاً وأخيراً، وليس على بيئتها الحاضنة، كما هي الحال مع اختباء قادة «حماس» وترك آلة القتل الإسرائيلية تستبيح أرواح المدنيين. فالمطلوب «دوزنة» النفوذ من خلال هذا الوجود. ولكن من دون القضاء على الشياطين الكبار والصغار والكفار المتطرفين الداعشيين، المرتبطة بهم فرص استمرار الجهاد المقدس لارتقاء طالبي الشهادة إلى الجنة.

 

ولهذه الغاية، وفي ظل استفحال الجرائم الإسرائيلية للقضاء على غزة، ومن دون أي بارقة أمل بتغيير مسار هذا الهدف، يأتي تحريض صريح من حركة «حماس» في الخارج، يطالب الملايين من الأردنيين بالنزول إلى الشارع والانخراط في معركة

 

«طوفان الأقصى». وكأن بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء وغزة لا تكفي لإشباع النهم الإيراني لمزيد من الدمار والتجويع وانعدام الأمن والاستقرار، حتى يجب أن تتكثف الجهود لضم العاصمة الأردنية عمان إلى «المد الهادر» الذي يغرق العالم العربي في مزيد من الجحيم.

 

بالتالي فإنّ الجواب على السؤال المشروع بشأن الرد على «الجريمة الجبانة» التي استهدفت المبنى الملاصق للسفارة الإيرانية في دمشق، وبالطبع بفضل الاختراقات المخابراتية التي تؤكد أنّ «دود الخل منه وفيه»، لن يكون باتجاه الكيان الصهيوني المغتصب والمجرم، بل باتجاه القوى الشعبية والسياسية الرافضة استمرار رأس المحور بتوريط مستعمراته بمزيد من الخراب على يد الأذرع المفروض بها تكثيف الجهود لتوسيع هذه المستعمرات.