IMLebanon

سياسة تكسير الجرار

مجريات الأمور السياسية توحي بأن قانون الانتخابات وضع على النار الرئاسية الحامية، حيث كان الرئيس ميشال عون صارما في مواقفه خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لجهة رفضه قانون الستين، الى حد تفضيل الفراغ عليه!.

لكن يبدو ان الحياة النيابية لا تعرف الفراغ، كما أشار الرئيس نبيه بري، عبر قاعدة استمرارية السلطة، والمعتمدة في حالة استقالة الحكومة، أي تصريف الأعمال، في حين اتّسم ردّ النائب وليد جنبلاط بمرونة أكبر، عندما تحدث عن احتمالات عدة، غير هذه النظرة الأحادية معتبرا ان الحوار هو الحل وليس الاقصاء….

كذلك ذهب الرئيس بري الى حد التذكير بقانون ١٩٥٧، الذي صاغه الرئيس الراحل كميل شمعون، على نحو أفضى الى اخراج صائب سلام وكمال جنبلاط وغيرهما من الزعماء من البرلمان في انتخابات شهيرة، أطاحت بنتائجها انتفاضة مشهودة، الأمر الذي يعكس حجم الانفعال السياسي الذي يسود الأجواء اللبنانية الآن، والملبّدة بالغيوم الناجمة عن تعدّد الآراء، وبالتالي تعارض المصالح الانتخابية المتصارعة على حلبة قانون الانتخابات.

بعض الأوساط الرافضة للنسبية، بدأت تشعر بالقلق من التعنّت الحاصل، حول هذا القانون، وخشيتها غير المعلنة، ان يكون وراء الأكمة ما وراءها، من ايحاءات معرقلة لهذا الاستحقاق التشريعي، عبر عقدة القوانين والتقسيمات الادارية، المختلف حولها وعليها، تمهيدا للاحتكام الى حلاّلي العقد، تحقيقا للمثل القائل: من يدخل حَكَما يُصبح سيّدا.

رجاء اللبنانيين ان ينتخبوا برلمانا يستطيعوا أن يباهوا به كصناعة لبنانية خالصة، لكن عدم اتفاق الطبّاخين، على الوجبة الانتخابية الأنسب، يهدّد بخسارة الفرصة التي لاحت بانتخاب الرئيس عون، بارادة لبنانية ذاتية، بمعزل عن تبديد وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف هذا الانطباع بقول ما معناه ان الرئاسة اللبنانية صناعة سعودية – ايرانية…

مصدر نيابي متابع سئل فأجاب: الطاسة ضايعة والمواقف متباعدة، وأخشى ما نخشاه أن تخرج الأمور عن طورها، تحت ضغط الكلام الطائفي الضيّق والخارج عن المألوف في بعض الحالات، أو حتى في معظم الحالات، تعزيزا للشعبوية، وللمصالحية الأنانية الآنية، ما يفسح في المجال لمحترفي الصيد في المياه العكرة، بالعودة الى شاطئ الذكريات المرّة.

المصدر النيابي، لا يرى في قانون الستين كتابا منزلا، لكنه بمعيار المشاريع الأخرى المطروحة لقانون الانتخابات، أقل القوانين المقترحة اثارة للانقسامات والعصبيات، وإرباكا للناس المفطورين على الأبيض والأسود، بعيدا عن متاهات النسبي والأكثري والمختلط، مع تذكير نواب اليوم بأنهم من مواليد هذا القانون، وانهم وصلوا الى حيث هم، بالملاءمة السياسية، وليس بالنظام الانتخابي، وبقوة اللائحة، لا بزخم المشاريع المستقبلية…

وفي النهاية، فان المصدر النيابي المتابع، يرى ان من الخطأ، الوصول الى مرحلة تكسير الجرار بين أركان العهد، الذي ما زال في بداياته، وفي تقديره، ان أجواء التحدّي المتزايدة حول قانون الانتخابات، لا تشجع على حصولها في الموعد المفترض…