نتفاءل… أو نتساءل مع العهد الجديد، متى نصبح دولة كما هي سائر دول الناس في العالم الديمقراطي.
ومتى يصبح المجلس النيابي عندنا كما يقول الدستور: «هيئة دستورية واحدة تتولى السلطة المشترعة…».
ومتى يصبح النائب عندنا كما يقول الدستور: «يمثُّل الأمّـة جمعاء…» ولا يمثل الأدوار الهزلية على خشبة مسرح هذه الأمّة التعيسة الجمعاء.
منذ الطائف حتى اليوم ولا يزال نواب هذه الأمة يتلاعبون بالشرائع والقوانين كمثل ما يتراقص الهنود الحمر حول الفريسة.
مع كل استحقاق رئاسي فراغ…
ومع كل تأليف حكومي تسويف…
ومع كل تجديد نيابي تمديد…
وانعمي أيتها الديمقراطية بالحكم والحكام والسلطة والنظام، وبالحرية التي باسمها ترتكب الجرائم.
وارفعي أيتها «الأمة جمعاء» نصُباً للحرية عندنا على غرار تمثال الحرية في الولايات المتحدة، لأن الناس كما يقول برنارد شو: «لا يقيمون التماثيل إلّا للموتى».
الموضوع على خطورته المصيرية لا يصحّ بعد، أن يواجَهَ باللَّامسؤولية الوطنية والحماقة السياسية وخفّة العقل.
إنّ هناك مرضاً سلطوياً مستعصياً وخللاً بنيوياً متراكماً، بات يحتاج الى معالجة وتغيير جذري.
فإذا كان الخلل بالنظام… فليتغيّر النظام مخافة أن يتغيّر الوطن…
وإذا كان الخلل بالرجال فليتغير الرجال… هذا، إذا لم يكن من الأصحّ أن نستبدل كلمة الرجال بعبارة الجنس الذكري.
نحن الأمة العريقة الجمعاء: تحمكنا منذ عهود دولة بلا دستور وحكومة بلا قانون وسلطة بلا شريعة.
وكل مجموعة، بشريةً كانت أو حيوانية، ينتظم أمرُها بنظام ذهني أو عُرْفٍ قبلي أو شريعة نظامية، حتى تلك التي سُميّتْ بشريعة الغاب.
منذ سنة 1790 قبل المسيح وضع حمورابي مجموعة من الشرائع والقوانين شكلت ناموساً حقوقياً للبشرية إنطلاقاً من دول ما بين النهرين وشعوبها.
ونحن في سنة 2017 بعد المسيح لم نتمكن بعد، من الإهتداء الى ناموس قانوني، ولم نتوصل الى تخطِّي النظام القبَلي والإنتظام في دولة ترعاها الشرائع الدستورية والقوانين.
بلى… سمعت الوزير جبران باسيل خلال العشاء السنوي لأهل تنورين يقول: «سننتصر بقانون 2017، لأن قانون الإنتخاب أهمّ من رئاسة الجمهورية ويستحق التضحية حتى بالعهد…».
هذا قول جبراني تمرّدي كبير، فعسى أن يتمثل جبران البترون بكتاب «الأرواح المتمردة» لجبران بشرِّي، حتى لا تعاني البلاد من خطر كتاب «المجنون» أو «الأجنحة المتكسرة».