قصدت بلدة بيصور ذات يوم ليس ببعيد، وأول ما خطر على بالي وأنا أعبر ساحة البلدة ربيع الذي عوقب على زواجه من ردينة بطريقة «الخطيفة» قبل عشرة أعوام، بقطع عضوه الذكري ورميه في ساحة بيصور وتهشيم خصيته وتحطيم أسنانه. لقّنه أخوا ردينة وأقرباء لها درساً لن ينساه في حياته ليكون عبرة لأي شاب سنّي يتجرّأ على الإقتران بشابة درزية. في الواقع كان العقاب سهلاً على الجهة المنفّذة كون أحد الأخوين لحّاماً ومعتاداً على القطع والسلخ.
الجريمة مروعة. لكن ما اعقبها من تعليقات، راوحت بين المزاح الثقيل واستخلاص العِبر، خفف من فظاعتها. إرتعدت فرائص الذكور لمجرّد التفكير أنهم معرّضون لعقاب مشابه. لم تكن هذه الجريمة الأولى من نوعها لكن في العادة الزوجات والحبيبات المخدوعات هن من يشحذن السكاكين في الليالي الهادئة ويبترن أداة الخيانة.
شغلت مأساة ربيع الصِحافة والتلفزيون وسائر الخائفين على أغلى ما يملكون، وذكر تقرير تلفزيوني أن أحد مصابي السرطان عرض التبرّع بعضوه لربيع وأن الدكتور محمود عواد، الإختصاصي في وصل ما انقطع يعمل على ردّ المياه إلى مجاريها بعملية زرع صعبة. حصلت العملية أو لم تحصل، في الحالين غادر ربيع لبنان مهيض الجناح وأمضى شقيقا ردينة سبعة أعوام في السجن.
ومجدداً انشغل اللبنانيون بجريمة نوعية تقدمت على أخبار الرئاسة ولودريان وأنشطة أبي مصطفى؛ إنها جريمة الملوخية. وجاء في ملخّصها: دعت لينا زوجها فادي إلى غداء ملوخية في منزلهما في بلدة البساتين، بعد تردي علاقتهما والبدء بمعاملات الطلاق. الملوخية نقطة ضعفه وهذا ما تعرفه لينا بحكم زواج دام 16 سنة. دست له السمّ في أشهى الأكلات على قلبه ثم سكبت الأسيد على جثته ونقلتها بمعاونة صديقين سوريين موثوق بهما إلى رأس الجبل. مع الوقت تتحلل الجثة ويذهب كل من الزوجين في طريقه.
بعد انكشاف الوقائع وانتشار الخبر بدأت التعليقات على وسائل التواصل الإجتماعي ودعوات السيدات غير المستجابة «مين طالع على بالو ملوخية» وتعداد أصنافها ملوخية بالدجاج. ملوخية بالموزات. ملوخية بالأرانب. ملوخية بسم الجراذين. ونصح أحد الشكاكين إخوانه الذكور: «إستحياطاً خليها تدوق قبلك» وغرّدت إحداهن «عالقليلة أكلة طيبة. تخيّل تكون بامية» وكتب مغرّد آخر على منصة إكس Last meals of death مرفقاً تغريدته بصحن ملوخية يصدّ الشهية.
عندما تحبك النكتة لا أحد يمكنه وقفها: لا تقريع ولا استهجان ولا درس في علم الأخلاق. آخ على صحن ملوخية الآن الآن وليس غداً، وعلى طريقة الشيف الذي هو أنا.