Site icon IMLebanon

الجريمة في القاع والجمهورية في البقاع

توحي كافة الاجواء الامنية المحيطة بلبنان بأن ما حصل في بلدة القاع ما هو سوى بداية تنفيذ «داعش» تهديداتها التي اطلقتها منذ مدة بشكل رسمي من قبل احد امراء «الدولة الاسلامية» عندها ظن البعض باستثناء الاجهزة الامنية والجيش اللبناني انها مجرد تهويل ولكن مع تقدم الوقت توضحت للطبقة السياسية الحاكمة نتائج عدم دعم الجيش بالاسلحة اللازمة ووضع خطة منهجية لتزويده بما يمكنه من مجابهة الارهاب وبقي الدعم اعلامياً ولفظياً اكثر مما هو عملاني، وتشير اوساط متابعة الى ان الجيش حتى الساعة لا يملك طوافة واحدة هجومية لرد اي عدوان على الاهالي والمؤسسة العسكرية نفسها بالرغم من كون الاعتداء الارهابي على القاع كان فوق ما هو متوقع من خلال هجوم اكثر من ثمانية انتحاريين على البلدة نفسها بغض النظر عن امكانية تقسيم اهداف الارهابيين في مناطق مختلفة من لبنان.

وتشير هذه الاوساط الى ان الجريمة والمجزرة التي ارتكبت في هذه البلدة البقاعية وضعت الطبقة السياسية باكملها في قاع ادمغة الناس وتفكيرهم بأن ادنى اهتماماتها هي سلامة الناس وعائلاتهم وفق التطورات العسكرية وللبيان التصاعدي للاعتداءات منذ خريف عام 2011 واحتلال منطقة القصير السورية من قبل التكفريين ومع بداية العام 2012 استهدف هؤلاء الاراضي اللبنانية وبدأوا مصادرة اراضي بعض اللبنانيين ومواشيهم وخطف بعض الشباب، وبعدها تكثفت الاستهدافات لبلدات البقاع اللبناني ابتداء من حوش السيد علي الى القصر ومدينة الهرمل وسقط العديد من الجرحى، وفي مطلع العام 2013 احكمت الجماعات الارهابية السيطرة على مناطق حدودية واسعة مع استهداف دائم لعناصر الجيش اللبناني وصولاً الى استشهاد الرائد بيار البشعلاني والرقيب اول ابراهيم زهرمان في بلدة عرسال.

وبعد سيطرة الجيش السوري وحزب الله على منطقة القصير تضيف الاوساط انكفأ هؤلاء الارهابيون نحو سلسلة جبال لبنان الشرقية بالاضافة الى تنفيذ عدة عمليات ارهابية في الضاحية انطلاقاً من هذه المناطق في خريف العام 2013 وشهد العام 2014 اعتداءات متكررة على المناطق السكنية وعناصر الجيش، و بعدها كانت موقعة المهنية في عرسال وخطف العسكريين الذين ما زال قسم منهم مع تنظيم «داعش» الارهابي، وبالرغم من العمليات النوعية للجيش والقاء القبض على عشرات الخلايا الارهابية جاء يوم غزوة القاع ليبقى كلام المسؤولين في الدولة يمضغ نفسه عما يدل على تقصير واضح ولا مبالاة لمدة سنوات متتالية.

وحتى الساعة تقول هذه الاوساط ان الاهتمام الرسمي من قبل الحكومة لم يلامس اعلان دقيقة صمت ويوم حداد لم يتقيد به احد ولم تتحدد معالمه، كل هذا في كفة وما جرى في القاع في كفة اخرى لتسأل: كيف لتنظيم «داعش» ان يجند عشرة انتحاريين بالرغم من كون وضعه يتلاشى في سوريا والعراق وان الوضع الامني في لبنان وبكل صراحة تم اختراقه بشكل كبير وموسع وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ السلام الهش لترتسم في الداخل اللبناني، ولم تتأكد هذه المصادر من عملية رفع المظلة الامنية الدولية التي كانت تغطي لبنان لسنوات خلت لتتلازم مع تصريحات كبيرة في الداخل اللبناني سياسية وعسكرية تفصح عما هو قادم على البلاد في كل لحظة وفق التالي:

1- قائد الجيش العماد جان قهوجي المؤتمن الاول على الامن في البلاد اوضح ان هناك مرحلة جديدة من الاعمال الارهابية يمر بها لبنان، وهذا يعني مع كتمان قهوجي الشديد حول التفاصيل منعا لتخويف الناس والعمل مع مديرية المخابرات بشكل سري الا، ان هذا الاعلان سيشكل في حد ذاته صفحة جديدة يمكن ان تنقل البلد من ضفة الى ضفة وليس الانتظار على حافة النهر بل ان البلد اصبح بمجمله معرضاً للسقوط الحتمي في مجرى نهر الدم والقتل.

2- اعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق صراحة ان هذه الهجمات الارهابية في القاع ليست مجرد موجة عابرة مما يعني ان المسؤول عن الامن الداخلي للبلاد يعي تماماً ما ينتظره اللبنانيون من عنف ودمار وقتل ودماء.

3- اعلان الرئيس نبيه بري انه كانت لديه معلومات حول مجموعات ارهابية تتحضر للقيام باعمال القتل والدمار وهي المرة الاولى التي يفصح فيها بري علانية عن وجود الارهابيين الحاضرين لتفجير انفسهم في لبنان وفي مجمل الاراضي اللبنانية.

4- رئيس الحكومة بدوره متخوف للغاية من تكرار ما حدث في القاع ولم يستبعد ان تحصل عمليات انتحارية في مناطق اخرى في البلاد.

مع هذه التأكيدات، تؤكد الاوساط ان لا احد في لبنان لديه القدرة على المواجهة وجل ما لدى اللبنانيين انهم اصبحوا على علم ودراية ان هناك فاتورة متأخرة من الدم عليهم دفعها دون معرفة «قرعة» من ستكون هذه المرة تحت المقصلة، وتورد هذه الاوساط جملة من الاسباب التي ستؤدي الى هذا الاخفاق وفق التالي:

أـ هناك موانع محلية واقليمية لامكانية التعاون مع الجيش السوري وحتى من تحت الطاولة من اجل التنسيق في رد الهجمات الانتحارية عن البلدين، وهذه الكأس اي مجرد الحديث مع السوريين سوف تتم ترجمتها عملانياً المزيد من الذبح واساليب الانتحاريين، ولا يبدو في الافق ما يوحي بامكانية قيام تعاون يريده فريق من اللبنانيين ويمانعه فريق آخر فيما المواطنون يدفعون اغلى ما عندهم من دماء وارواح.

ب ـ حسب ما اوردته هذه الاوساط فان اللقاءات التي جرت في اليرزة لمعالجة قضية النازحين وهي جزء من مشكلة الارهاب لا تبدو الحكومة في وارد الدق بهذا الموضوع الحساس أمنياً وديموغرافياً حتى ان هناك حواجز دولية مضافة لا تعطي للجيش والقوى الامنية الضوء الاخضر للمعالجة.

ج ـ ان حزب الله ووفق تصريحات مسؤوليه جاهز للدفاع عن الحدود ولكن هناك من يضع المشكلة لدى الحزب على خلفية دخوله سوريا بالرغم من معرفة الآخرين انه لولا تدخل الحزب لكانت الامور اعظم مأساوية ذلك ان الارهاب طال الكرة الارضية وبالتأكيد فان الحزب غير متواجد في فرنسا وبلجيكا واميركا وغيرها من الدول.

د ـ ان دول الغرب منشغلة في نزع الارهاب عن اراضيها ولن يكون باستطاعتها مساعدة لبنان ذلك ان مشكلتهم اكبر من مصائبنا وبالتالي فان خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي اهم من لبنان وشعبه ومكوناته وكيانه!!