أتذكر أول عملية إرهابية تعرضت لها المملكة في عام 1995، عندما فجر مجموعة من الإرهابيين التكفيريين مجمعاً يسكنه أجانب في شارع العليا العام بالعاصمة الرياض، وتم القبض عليهم وتم بث اعترافاتهم في التلفزيون السعودي، ونفذت أحكام الإعدام بهم، وكنا نتمنى أن تكون تلك آخر عملية إرهابية في بلادنا، ولكن الفكر الذي تأثروا به لم ينتهي، وهو فكر أبو محمد المقدسي الذي يكفر النظام، ويدعو إلى الخروج عليه بالعنف والتفجيرات.
موجة العنف من التيارات الجهادية التكفيرية لم تتوقف، إذ شهدت المملكة موجة من الأعمال الإرهابية، لم تعايشها منذ عام 2003، على يد تنظيم القاعدة، واستهدفت مجمعات سكنية يسكن معظمها عرب ومسلمون، وانكشف زيف وكذب التنظيم الإرهابي في دعواه تلك، حينما بدأ يستهدف رجال الأمن، وبعض المنشآت الحكومية، والسفارات الأجنبية، وبعض الشركات الوطنية التي لها علاقة بصناعة النفط في المنطقة الشرقية.
بعض من تم تنفيذ حكم القتل فيهم هم من قاموا بتلك الأعمال الإجرامية ضد الوطن ومواطنيه في تلك الفترة، ونحن لا نشك في أن حكومتنا لا تعمل بانفعال وعواطف في إجراءاتها القضائية ضد هؤلاء المجرمين، بل إن بعضنا ظل يتساءل وبشكل دائم عن أسباب التأخير في عدم تنفيذ العقوبات بالقتل لمن صدرت عليهم تلك الأحكام، فالدولة كانت تعمل على استيفاء جميع الإجراءات والشروط على من ثبت تورطهم بحمل السلاح ضد وطنهم، أو من ساعدوهم في التحريض، أو نظروا إليه، وهؤلاء – وأقصد منظريهم – هم أخطر ممن يقومون بالإعمال الإرهابية.
أتابع على شاشات التلفزيون مقابلات لبعض أطفال وأقارب رجال أمننا الذين قتلتهم تلك التنظيمات، وهم يعبرون عن حال من إعادة الروح لهم بعد تنفيذ حد القتل في من قتل آبائهم، وإخوانهم، وأزواجهن.
قد نكون نحن الذين لم نفقد قريب لا نحس بمشاعرهم على حرقة الفقد والغدر، التي تعرض لها أعزائهم وهم يدافعون عن وطنهم ويؤدون واجبهم، وهذا شعور إنساني لا يمكن المساومة عليه، فالجريمة لا تسقط بالتقادم، والمجرم يجب أن يدفع ثمن حياته جراء ما ارتكبت يداه، وخصوصاً مثل هؤلاء الذين يستخدمون اسم الدين الإسلامي لتبرير أعمالهم الإجرامية، فكم أضروا بالدين، وخصوصاً على المستوى الخارجي، حتى أصبحت – للأسف – صورة الإسلام في بعض دول العالم مرتبطة بالإرهاب جراء تلك الأعمال الإرهابية التي تضرب العواصم العالمية، من «القاعدة» و«داعش» وغيرهما.
مع ما يمر به عالمنا العربي من تحولات وفراغ سياسي، وتطاحن على السلطة في بعض الدول العربية، نجد التنظيمات الإرهابية التي تدعي الإسلامية هي بطلة التدمير والقتل في تلك الدول ولم نسلم منها في وطننا، فـ«داعش» تفجر في مساجدنا، مرة في الشرقية، وأخرى في الجنوبية، في محاولة لضرب وحدتنا الوطنية، والمؤسف أننا بدأنا نسمع ونقرأ في الأعلام الغربي ومراكزه البحثية وعلى لسان بعض مسؤولية، أن بعض الدول، ومنها وطننا، تقف وتدعم مثل تلك التنظيمات الإرهابية، وهذا طرح ساذج وبسيط، والمملكة اليوم تبعث برسائل للخارج والداخل أن الإرهابيين مهما كانوا سيلقون جزائهم الحق، وهي لن تزايد في ذلك، وهذا هو موقفها الواضح والثابت تجاه من يحاول أن يزعزع استقرار وأمن بلدنا، فقط أنظروا إلى الدمار والخراب التي تمر به دول مجاورة لنا.