IMLebanon

أزمات تطوي أزمات  وملفات تستولد ملفات

أخطر ما في الأزمات التي نمرُّ فيها أننا نعرف تماماً أسباب الأزمات لكننا لا نعرف على أي أساس يمكن حلها:

تبدأ الأزمات بكل شفافية ووضوح وجرأة إلى حدِّ الوقاحة لكنها تنتهي على زغل من دون أن يعرف أحدٌ كيف تنتهي:

على سبيل المثال لا الحصر:

بدأت أزمة الإنترنت المهرَّب غير الشرعي بالحديث عن تهريب بعض الخطوط من قبرص وتركيا وغيرها، ثم إكتشف التحقيق أنَّ هناك منظومة متكاملة من التهريب إلى درجة أنَّ المهرِّبين أنشأوا كابلاً بحرياً وثبَّتوا أعمدة الإرسال والتلقي وإعادة الإرسال، وكل ذلك يعرف فيه المعنيون لكنهم كانوا يسكتون عن المخالفات، إلى أن فجَّر أحدهم، من الشركات الشرعية، هذه الفضيحة، فبدأت المعطيات تتوالى وتتوالد، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم:

كيف ستنتهي هذه الأزمة؟

من دون طول تفكير لا بدّ من الإقرار بأنَّ هذه الأزمة ستلتحق بما سبقها من أزمات لجهة اللفلفة في المعالجة ومَن يَعش يرَ:

فأزمة النفايات ألم تنتهِ على زغل؟

وأزمة الإهدار والفساد في سوكلين ألم تنتهِ على زغل؟

وأزمة الكهرباء ألم تنتهِ على زغل؟

وأزمة المولِّدات، ألم تنتهِ على زغل؟

وأزمة القمح المسرطن، ألم تنتهِ على زغل؟

فما عدا مما بدا لتكون معالجة أزمة الإنترنت أكثر فاعلية؟

***

نحنُ نعيش في جمهورية اللفلفة.

الهدر في المالية العامة منذ عشرين عاماً يتجاوز العشرين مليار دولار، ولكن هل دخل أحدٌ إلى السجن وحُجِزت أمواله إلى حين سداد ما اختلس؟

أصحاب المولِّدات أثروا من جراء اشتراكات الكهرباء، وهُم استخدموا التجهيزات التابعة للدولة، فهل عمد أحد إلى محاسبتهم؟

***

ليس في البلد محاسبة، وليس فيها ثوابٌ وعقاب، وليس فيها إجراءات زجرية وجذرية، كل ما في الأمر أنه حين تُثار قضيةٌ معينة يهبُّ الإعلام ويستنفر السياسيون ويتحرَّك القضاء. تُثار قضية ثانية فتخفُت القضية الأولى من دون أن تتم معالجتها بالشكل الجذري.

قضية القمح المسرطن أنست الناس لبعض الوقت قضية النفايات.

قضية النفايات أنست الناس قضية المواد الغذائية غير المطابقة.

قضية المواد الغذائية غير المطابقة أنست الناس لبعض الوقت قضية الأدوية.

قضية الأدوية أنست الناس لبعض الوقت قضية التلزيمات والتعهدات التي تشوبها العيوب.

وهكذا دواليك فإنَّ الناس يعيشون هواجس المراوحة في كل الملفات.

***

وبالإنتقال إلى الملف السياسي فإنه يُخشى أن يأتي ملف الإنتخابات البلدية والإختيارية كملهاة عن ملف رئاسة الجمهورية، فيتلهى الناس بالسلطات البلدية والإختيارية متناسين أنَّ السلطة الحقيقية تكمن في إيجاد رأس للدولة.

***

مؤسفٌ ما نمر فيه. إنَّه الإهتراء بعينه.