Site icon IMLebanon

لبنان دخل الأزمة المفتوحة .. وعلى عتبة التحول إلى دولة مارقة!

 

المخاوف تقوى مع الضغط الكبير القادم بدءاً من منتصف أيلول

 

 

يتعزّز الاقتناع لدى أطياف سياسية عدّة بأن لبنان أضحى على أبواب أزمة مفتوحة، إن لم يكن قد دخلها فعلاً، وبات من الصعب جداً وقف عجلة الانهيار الذي سيشهد وتيرة متسارعة على المستويات المالية- الاقتصادية والاجتماعية في ظل المأزق المستدام نتيجة العجز السياسي عن استنباط حلول بحدها الأدنى تقي البلاد شر السقوط الحتميّ، الذي سيترك تداعيات مباشرة على الأمن الذي بدأت ملامح انتشار الفوضى المسلحة والفلتانوالتفلّت تغزو يومياته.

 

اندفاعة التهاوي قد تجد ما يلجمها في الزيارة الثانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رغم أن كلام وزير خارجيته يعكس حجم الإحباط المتمادي من الطبقة السياسية التي قال إنها تتقاعس ولا تفعل شئياً، فيما لبنان أمام خطر الزوال. في المعلومات أن تأكيد الإليزيه على زيارة ماكرون الثلاثاء إلى بيروت سيضع رئيس الجمهورية، تفادياً لتهمة العرقلة، أمام ضغط إطلاق عجلة الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة المكلّف، والتخلّي عن المعادلة التي يتمسّك بها خلافاً للدستور بالاتفاق على التأليف قبل التكليف.

 

على أن أحداً من القوى السياسية على ضفتيّ الموالاة والمعارضة لا يملك أي تصور لمآل الأمور بعد الإعلان عن موعد الاستشارات. الإرباك هو سيّد الموقف،وكثيرة هي السيناريوهات التي تُطلق هنا وهناك، إلا أن المحسوم منها هو استبعاد أن تلجأ قوى “8 آذار” التي يقودها “حزب الله” إلى الدفع باتجاه تسمية شخصية من صفوفها أو محسوبة على فريقها السياسي في استعادة لمشهد حكومة “اللون الواحد”، التي تُشكّل تحدياً لمبادرة الرئيس الفرنسي التي يحرص “الحزب” على ملاقاتها بكثير من الإيجابية ولو اقتضى الأمر خطوات تنازلية تكتيكية بما لا يؤثر على قراراته وأجندته الاستراتيجية.

 

لا غطاء سعودياً للحكومة في ظل هيمنة «حزب الله» ولو رأسها الحريري

 

الاحتمالات تذهب إلى أمر من اثنين: إما أن تفضي مشاورات اللحظة الأخيرة بشكل مفاجئ، بمواكبة فرنسية، إلى مخرج يؤول إلى تسمية سعد الحريري رئيساً مكلفاً، أو الذهاب في اتجاه فوضى التسميات لخلق خيار أمر واقع تتحكّم به أكثرية معيّنة أو متّفق عليها سلفاً بين مجموعة من القوى السياسية، فيكون التكليف قد أمّن خرقاً محدوداً يقف عند حدود التكليف من دون ضمان النجاح في التكليف، بما يُمرّر المرحلة الرمادية الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية في أوائل تشرين الثاني.

 

الرئيس الفرنسي، وفق المعلومات،سيأتي على رأس وفد فضفاض يقارب الـ100 شخص ليمضي ثلاثة أيام، في محاولة لاستعادة الدينامية التي خلقتها زيارته الأولى على وقع انفجار بيروت. هدفه الوصول إلى حكومة جامعة سياسياً تكون برئاسة الحريري أو من يُسمّيه مع خطة إصلاحية مُلزمة، يجري العمل على كثير من تفاصليها، بما فيها الوزارات التي ستكون قاعدة الإصلاحات والتي ستكون تحت أعين رقابية فرنسية مباشرة.

 

لكن ثمّة فجوة ظاهرة بين الحماسة وبين القدرة على مستوى اللاعب الفرنسي رغم ما يُحكى عن تشاور مفتوح بين باريس وواشنطن وباريس وطهران وباريس وحارة حريك. ورغم الحديث عن إنشاء خلية أزمة فرنسية – أميركية بشأن لبنان، فإن ما تُؤشر إليه الوقائع لا يتعدّى الخرق الإنساني الذي استدعاه انفجار المرفأ، وسيستدعيه الانهيار الاقتصادي والمالي، ولاسيما في ظل اتجاه مصرف لبنان إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية من قمح ودواء ومحروقات.

 

يذهب منظرو “حزب الله” إلى اعتبار أن الجزء الكبير من المأزق يعود إلى الإطار السياسي العام المحلي، ارتكازاً إلى أن المساحة المشتركة التي يمكن أن يلتقي عليها الأضداد معدومة، في إشارة إلى انسداد أفق العلاقة بين الحريري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ومن خلفه رئيس الجمهورية، وإنْ كان الحريري عمد إلى عدم “كسر الجرّة” كلياً مع العهد. وهذا الانطباع ذاته تعكسه الأجواء المحيطة بـ”بيت الوسط”. غير أن ثمة عاملاً آخر غير متوفر، ومن دونه لا يمكن ضمان نجاح تحدي وقف الانهيار كمرحلة أولية في طريق عملية الإنقاذ، وهو الغطاء العربي، ولاسيما السعودي لرئيس الحكومة، سواء أكان الحريري أم غيره، ومِن ورائه الغطاء الأميركي، ما دامت المعادلة القائمة في لبنان والتي يتحكّم بها “حزب الله” ومن خلفه إيران لم تتغيّر.

 

فعلى أبواب شهرين من الاستحقاق الأميركي، يُنتظر أن تشتدّ المواجهة بين واشنطن وطهران، ولا سيما بعدما بدا واضحاً أن كلا الطرفين ماضٍ في لعبة عضّ الأصابع حتى النهاية، وليس تالياً متوقعاً أن يُقدم أي من الطرفين على حرق أي من الأوراق التي بيده، أو التخلي عن مكامن قوته على الساحات المتواجد فيها، وفي مقدمها لبنان، بما يُشكّله من موقع حسّاس في استراتيجية المواجهة الإيرانية- الأميركية، والذي بدأت المخاوف الفعلية تقوى باتجاه أن يتحوَّل إلى مسرح الضغط الكبير القادم، الذي يُحكى عنه بدءاً من منتصف أيلول، إذ ستُفرض المواجهة على الجميع، حتى على أولئك الذين اختاروا موقع المتفرّج. وقد لن يكون لبنان بعيداً كثيراً عن إعلانه دولة مارقة!.