Site icon IMLebanon

حكومة الترسيم كيف ستعالج الإنهيار؟

 

البند السياسي الاستراتيجي على جدول أعمال الحكومة العتيدة هو الذي يتحكّم بمسار تشكيلها. هذا البند يتمثّل بإقرار الإتفاق المُفترض مع اسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، ما يفتح الباب استطراداً لإنهاء النزاعات حول ترسيم الحدود البرّية، خصوصاً في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

 

صحيحٌ أنّ حجم السقوط الإقتصادي والمالي والإجتماعي كبير جداً، وهو يحتاج الى علاجات عاجلة. سقوط تشهد عليه سرقة البنوك لأموال الناس، وتفرُّد لبنان بثلاثة أسعار لصرف الدولار، وانهيارٌ شامل لمؤسسات الإنتاج والعمل يُنتج بطالة وهجرة في مستويات غير مسبوقة، وانهيار في عمل المؤسسات الرسمية تشهد عليه فوضى المطار في زمن “كورونا”، بعد فوضى النهب التي فجّرت المرفأ، وانهيار صُدقية الجامعة اللبنانية التي تتحوّل دكانة مذهبية يسودها الجهل واستئناس المصالح الفئوية، وما يتبع ذلك ويواكبه من إنهاء للتعليم الرسمي. وإلى جانب ذلك، غياب المحاسبة وتقصير فاضح في كشف الحقائق، من غياب النتائج الصريحة للتحقيق في تفجير المرفأ، والتقصير في التعويض على ضحاياه، الى “التروّي” الفاقع في متابعة قضية باخرة المحروقات المتسلّلة الى الزهراني…

 

والسقوط لا ينتهي هنا، فهو أصلاً حالة مزمنة، عناصره حاضرة في كل نواحي الحياة اليومية، وكلّما ذُكِرَ عنصر تردّدت مقابله على الفور أسماء المسؤولين الناهبين والفاسدين، ما جعل الشعار الشهير “كلّن…” يرتدي كلّ تلك المصداقية التي اكتسبها.

 

ستحتاج معالجة السقوط العام الى حكومة إختصاصيين مستقلّين. هذا ما طالب به اللبنانيون في تحرّكاتهم المستقلّة عن هيمنة أمراء الطوائف، وما قال به المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان. ومن بين هؤلاء أميركا تحديداً مَن وضع شرطاً إضافياً فحواه: عدم إشراك “حزب الله” في الحكومة العتيدة.

 

الّا أنّ المسارعة الى إعلان الإتفاق على مفاوضات الترسيم بين “حكومتي لبنان وإسرائيل” أطاح الشروط والمواصفات. عاد “حزب الله” وحليفه التوأم شريكاً في التكليف والتأليف، ووجب حضوره في الحكومة، في المالية وغيرها. وأدّى هذا الحضور الى فرض استعادة الأسلوب نفسه في مشاورة الكتل النيابية وأخذ مطالبها في الإعتبار، تمثيلاً وحجماً.

 

كنّا قبل الناقورة في مشروع ماكرون الاستنسابي، فبتنا بعدها في مشروع شينكر الحكومي الإلزامي. لا ترسيم من دون موافقة “حزب الله”، إذاً لا حكومة بغياب “حزب الله”. وإذا كان الهدف البعيد إقفال الملفّ اللبناني ـ الإسرائيلي، فإنّ معالجة الإنهيار ستبقى رهن النيات الطيبة المستجدّة لسياسيين ما اعتادوا تغيير جلدهم إلا مقابل سعرٍ ملائم.