Site icon IMLebanon

جمر الفوضى ورماد الأزمات

 

 

وحده الله يعلم ما تخفيه الأيام المقبلة عن اللبنانيين، اللعبة أقفلت في وجه اللاعبين، وللمناسبة كلّ الفرقاء يتحمّلون مسؤوليّة عدم تشكيل الحكومة، كلّهم في التعطيل سواء، وكلّهم تضافرت جهودهم لإيصال البلاد إلى هذه اللحظة، وكلّهم سيتورّطون في الفوضى والانزلاق إلى الاضطرابات التي ستهزّ أمن البلاد الهشَ متى عادت التظاهرات قريباً جدّاً إلى الشّارع.

 

حتى الآن المشهد اللبناني لا يُصدّق، مشهد ضبابي مخيف لا يستطيع أحد معه أن يقرأ تحوّلات الأحداث المقبلة على لبنان، وعضّ الأصابع بين الرئاستين الأولى والثالثة متواصل وقد أوصل البلاد إلى مرحلة الـ«جمر تحت الرّماد» وهي مرحلة خبرها اللبنانيّون جيّداً أيام الحرب الأهليّة مع كلّ جولة عنف كانت تندلع عندما تصل الأمور إلى المشهد نفسه المقفل الذي نصطدم به اليوم!

 

لم يعد الخنوع مقبولاً أبداً، من واجب اللبنانيين رفع الصوت مستنجدين بالعالم، مطالبين بإنقاذهم أولاً من هذا الانهيار الدستوري المخيف، لقد علقنا في فخ يصعب الخروج منه فقد أغلقوا علينا باب الأزمة وابتلعوا كلّ مفاتيح الحلحلة، حتى الآن نحن أمام رئيس يرفض أن يصدّق أنّ رئيس حكومة مكلّفاً أو مؤلفاً لم يعد بمقدوره ـ كما قبل اتفاق الطائف ـ أن يقيله برسالة يشكوه فيها إلى رئيس دولة أخرى، ولا أن يُكلّفه بمزاجه، من لا يملك حقّ التكليف إلا بالاستشارات الملزمة هو أيضاً لا يملك حقّ سحب التكليف ولا تغييره، وجُلّ ما استطاع رئيس الجمهوريّة أن يفعله حتى الآن هو التعطيل ثمّ التعطيل ثمّ التعطيل!

 

ومن واجب اللبنانيين أيضاً رفع الصوت أمام العالم مطالبين بإنقاذهم من السلاح الذي يفرض عليهم أن يكونوا ضحايا اللعبة الإيرانيّة من أجل مفاوضات الملفّ النووي في نسخة الرئيس الأميركي جو بايدن، فالمشهد اللبناني ليس ببعيد أبداً عمّا يحدث في غزّة… «حزب الله» مخترق للجغرافيا اللبنانيّة كلّها وفخّخ كلّ مناطقها من طرابلس إلى جبيل إلى كسروان إلى المتن إلى الأشرفية إلى بيروت إلى الجيّة ووادي الزينة، وخلاياه النائمة مقيمة في شقق سكنيّة وفي اللحظة المؤاتية سينقضّ على كلّ المناطق ولن يُبقي من لبنان المتهالك شيئاً!!

 

كلما تعقّدت أزمة لبنان، اتضح وضوح الشّمس أنّ هذه المنظومة السياسيّة لم تعد صالحة، والمطلوب أن نفكّر جديّاً وقبل فوات الأوان ببديل جدّي قابل للحياة.