… وكأن الأزمات قد تلاشت وانتهت ودفنت الواحدة تلو الأخرى… أو كأن حالة من الاستقرار والطمأنينة خيّمت على ربوع الوطن مع الازدهار والسعادة الغامرة… أو لكأن بعض القوى السياسية زهقت من هذا الهدوء غير المألوف وآثرت نبش ما سبق ودفن من أزمات، ومحاولة اعادة طرحها في التداول العام. وعلى الرغم من أن العهد الذي ولد بعد تعثر طويل نجح بالتعاون مع القوى السياسية الفاعلة في الخروج من دوامة قانون الانتخاب وتوصل الى اقراره ونشره، فان بعض القوى، على ما يبدو، يسعى اليوم للحركشة في القانون بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك لغاية غير واضحة. والبعض يقول ان الهدف هو العودة الى دوامة ادخال تعديلات على القانون، والبعض الآخر يستشف برؤيته هدفا أبعد وأكثر خبثا، وقد يقود الى عرقلة اجراء الانتخابات في موعدها القانوني في أيار / مايو من العام المقبل ٢٠١٨.
التحذيرات المتكررة التي أطلقها الرئيس نبيه بري في هذا الاتجاه، تدعو الى تنبّه كل الحريصين على المصلحة الوطنية بما في ذلك أوساط الرأي العام، لا سيما وان الرئيس بري لا ينطق عن الارتجال أو العبث أو المناورة، في قضية حيوية مثل الانتخابات النيابية العامة. وهو على طريقته وأسلوبه قدّم حلولا للمشاكل الافتراضية التي يعرضها البعض لاعادة أزمة، اهترأت جثتها بعد الدفن، والمتعلقة بهذا القانون. فاذا كان العائق هو البطاقة الانتخابية الممغنطة المتعذر اعدادها قبل الموعد القانوني للانتخابات، فيمكن العمل على اعدادها بهدوء وروية وتحضيرها للانتخابات التالية ما بعد أيار. واذا كان القصد التوصل الى تمديد اضافي رابع، فان الحلّ الأخير هو الكيّ، أي بتقصير مدة ولاية المجلس النيابي، واجراء الانتخابات في أقرب ما يمكن، وبما حضر من امكانات، كما كان يجري سابقا…
الوقت داهم، وقد أضاعت منه الطبقة السياسية جانبا ثمينا من عمر لبنان. وما هو أكثر إلحاحا هو ما عبّر عنه رئيس الجمهورية، من ضرورة اعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني واطلاق حيويته، والانصراف الى معالجة الأزمات الطاحنة الأخرى المعيشية وغيرها، والأهم الانصراف الى تنظيف الدولة والبلد من الفساد.