IMLebanon

الأزمة تصعد الدرج والحلول تختار المصعد!

 

أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري اعتمدت الدرج في الصعود الى السطح، أما الحلول فآثرت اختيار المصعد! رحلة الأزمة بين الذهاب والعودة استغرقت ١٨ يوما حافلة بالتوتر والقلق الذي تصاعد الى مرحلة الذعر وحافة اليأس من السقوط في الهاوية، ثم تدرجت الى نوع من الانفراج التدريجي. ومع بزوغ فجر الاستقلال، كان القطار الذي شرد وحاد عن السكة عاد على عجل الى مساره الأصلي، ولكن مع الحاجة الى اجراء اصلاحات للقطار وللسكة معا! بعد العودة، سارت الحلول بأسلوب آخر، باختيار المصعد بدلا من الدرج: العودة من الطائرة الى منصة الحفل بالعيد الرابع والسبعين للاستقلال. ومن جادة الاحتفال الى القصر الجمهوري في خلوتين: ثلاثية بين الرؤساء الثلاثة وثنائية بين رئيسي الجمهورية والحكومة، فتصريح من رئيس الحكومة بالتريث في تقديم الاستقالة، افساحا في المجال للتشاور حول الحلول. واليوم، ينجز رئيس الجمهورية مشاوراته في يوم واحد يستقبل فيه كل الفعاليات دون استثناء ويختتم بلقاء بين الرؤساء الثلاثة… انه المصعد السريع!

 

أظهرت هذه الأزمة الطارئة، والتي لم تكن تخطر على بال أحد، ما كان خافيا أو ملتبسا. واتضح، بعد سنوات من أزمة اقليمية عاصفة ومدمّرة، نوع من التقاطع بين القوى الدولية التي تدير العالم من موقع التنافس والتواجه أحيانا، ان الوقت حان لاحالة المتحاربين اقليميا الى التقاعد، وتنفيس الاحتقانات وايجاد المخارج. واتضح أيضا، على الصعيد الداخلي اللبناني، ان جوهر النسيج اللبناني رافض لاستقبال أية شحنات من الأزمات والاهتزازات المصدرة اليه من الخارج. ولم يكن سبب هذا التغير هو المناعة التي اكتسبها المجتمع اللبناني من تجاربه المريرة السابقة وحسب، وانما أيضا من تولي قيادة جديدة صلبة وحكيمة في آن، استشفت أبعاد أزمة الاستقالة منذ البداية، وقادت عملية تحصين وطني تدرجت من مستوى الرؤساء الثلاثة الى القاعدة العريضة في المجتمع اللبناني.

 

باختصار شديد: تتقاطع المصالح الدولية مع المصلحة اللبنانية العليا في متابعة مسيرة الاستقرار والهدوء، حتى ولو تضاربت مع بعض المصالح الاقليمية… والمصعد السريع لن يتأخر بالوصول الى سطح الحلول!