Site icon IMLebanon

الازمة في المجهول: الشروط صعبة التنفيذ وتعذر وجود وسيط دولي مقبول  

 

«دارت الامور دورتها، ووصلنا الى ما كنا نخشاه» بهذه الوصفات، عبر مصدر أممي رفيع المستوى في بيروت، والذي ينشط في اتصالاته مع أكثر من جهة ودولة، عن قلق شديد حيال ما وصلت اليه الامور حول استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وتداعياتها.

 

وقال المصدر الذي لم يشأ ذكر اسمه في لقاء مع «الشرق»: لا أريد أن أكون متشائماً، اطلاقاً، ولكنني، وبحسب شبكة الاتصالات التي انطلقت منذ استقالة الحريري في المملكة العربية السعودية، فإن الامور لا تتجه أبداً الى حل، بل بالعكس، على الرغم من كل الضغوط والمشاورات الاوروبية والعربية التي تخطت حدود لبنان ووصلت الى عواصم العالم.

وأشار المصدر الى ان الحركة الديبلوماسية المكوكية التي بدأت في بيروت عبر لقاءات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتحركات وزير الخارجية جبران باسيل في الدول الاوروبية، وشبكة الاتصالات التي قام بها السفراء العرب والأجانب المعتمدون في لبنان، من وساطات ومشاورات.. كل هذا لم يؤد بعد الى أي تسوية او حل ما، طالما ان الرئيس الحريري لم يعد بعد الى بلده، ولم يطرح أي حل للنقط التي عرضها من خلال المقابلة التلفزيونية.

واعتبر المصدر أن حل الازمة القائمة في لبنان اليوم، لا يمكن ان يمر إلا عبر طريقين أساسيين:

1- إما عبر طريق المواجهة السياسية والضغط الاقتصادي، والخيار الاخير الضغط العسكري.

2- إما عبر التفاوض المباشر بين لبنان وايران والمملكة.

فبحسب المعطيات الأخيرة، وإصرار الرئيس عون مع الرئيس بري على أن لا حلّ من دون عودة الحريري والاستماع اليه، لا يبدو أن قوى 8 آذار متهيبة بخطر ما يمكن ان يحصل. فهي ترى ان الضغط الاقتصادي لن يؤثر بشكل  كبير على الوضع الداخلي المستقر والممسوك اقتصادياً.

ومن ناحية أخرى فهي ترى نفسها قادرة على احباط أي توجه او ضغط عسكري عليها، أكان من قبل قوى التحالف العربي او من قبل إسرائيل.

أما بالنسبة الى الخيار الثاني أي التفاوض، فهو يفترض صدق النيات لدى الأطراف، وإشارات إيجابية متبادلة، إن لم يكن خطوات ايجابية، وهذا ما لم نلمسه حتى الساعة، فعلى سبيل المثال لا الحصر كان الرئيس الحريري ليعود الى لبنان بالتزامن مع تصريح لمسؤول ايراني رفيع المستوي يؤكد فيه الاستعداد الجدي للبحث في امكانية تطبيق النأي بالنفس ولو بصورة جزئية.

أضف الى ذلك، ان نجاح أي تفاوض يستوجب وجود وسيط، دولي، أممي، عربي، اقليمي، لا فرق، إنما وسيط قادر على تقريب وجهات النظر بين الاطراف لحلحلة الامور وليس تعقيدها، عبر تصريحات واشاعات من هنا وهناك.

وبحسب المصدر الديبلوماسي العربي، فإن شروط التفاوض الجدي والعملي غير متوافرة لغاية الآن، على الرغم من تدخل غير دولة أوروبية وعربية على خط التسوية. فالجانب اللبناني الرسمي مصرّ ومتمسك بعودة الحريري وعائلته كشرط مسبق للحوار، كما يستمر محور 8 آذار في مهاجمة السعودية ودول الخليج، ويرفض أي تنازل في أي مجال من المجالات.

واعتبر المرجع أنه لا يمكن للتيار الوطني الحر ان يكون وسيطاً خصوصاً ان لا اشارات او ايحاءات ايجابية ظهرت حتى الساعة. إلا اذا عاد وزير الخارجية، رئيس التيار من جولته الاوروبية حاملاً أفكاراً جديدة ومقاربات مختلفة لحل الازمة والدخول في مضمون الحلول.

أما الوسيط الدولي، فيبدو أن فرنسا، بشخص رئيسها ايمانويل ماكرون حاولت ان تدخل على خط الوساطة، إنما هذه الوساطة من الصعب جداً نجاحها، اذا لم تكن وساطة منسقة وجيدة مع الجانبين الروسي والاميركي على الاقل، وبصورة أفضل مع أعضاء المجموعة الدولية لمساعدة لبنان.

أما بالنسبة الى الحلول  التي يمكن ان تخرج لبنان من عنق الزجاجة، فيقول المصدر، إنه لا يمكن لها إلا أن تكون حلولاً وسطية ومقبولة، كما لا يمكن لأي طرف ان يفرض كامل شروطه على الآخر.

ويعتقد المرجع أعلاه أن شروط المحور السعودي لحل الازمة تتمحور حول الآتي:

1- وقف الحملات السياسية ضد المملكة ودول الخليج.

2- عدم ادخال «حزب الله» في الحكومة الجديدة.

3- نزع سلاح الحزب، والاكتفاء بدوره كحزب سياسي.

4- انسحاب «حزب الله» الكامل من سوريا.

5- انسحاب «حزب الله» من دول الخليج، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

6- الالتزام بصورة صارمة بالقرار 1701.

هذه الشروط تبدو غير قابلة للتحقيق، لا بل تعجيزية في الوقت الحالي، لذا جاء من يقترح أن يتم الاكتفاء ببعض النقاط مثل وقف الحملات الاعلامية وبحث نزع سلاح الحزب ضمن الاستراتيجية الدفاعية والانسحاب من سوريا مواضيع قابلة للنقاش..

أما بالنسبة الى الانسحاب من دول الخليج، فهذا يبدو شرطاً أساسياً ورئيساً لن تتراجع عنه المملكة ولا الرئيس الحريري. ومن المفترض ان يوافق عليه الحزب على الرغم من عدم استعداده في الوقت الراهن، خصوصاً وأن ليس هناك من مبرر إرهاب، او اعتداء إسرائيلي في الخليج للتمسك بمبدأ انخراطه في الأوضاع الداخلية لهذه الدول.

وحول إقراره بالقرار 1701، فهذا الامر يمكن ان يكون موضع بحث عام مع الامم المتحدة والأطراف اللبنانيين خصوصاً وأن الدولة اللبنانية ملتزمة بهكذا قرار، إنما تنفيذه يبقى موضع نقاش وتجاذب، سيما وأنه يستوجب أيضاً التزاماً إسرائيلياً ببنوده في ما يتعلق باحترام سيادة لبنان، وعدم خرق الاجواء اللبنانية، والانسحاب من الاراضي التي مازالت محتلة.

بالتوازي كشف المصدر الغربي في بيروت لـ»الشرق» عن اجتماع عقد أمس لسفراء مجموعة الدعم الدولية في مقر الامم المتحدة جرى فيه تقييم الوضع الحالي وتداعياته، والخطوات الواجب اتخاذها، وكيفية المحافظة على لبنان.

وعلم من المجتمعين أنهم أكدوا على البيانات الصادرة من قبل مسؤولي دولهم حول استقالة الحريري، واعتبروا ان الطريقة التي أدت الى هذا الامر لا تخدم لا المصلحة السعودية، ولا اللبنانية، وان هذا الامر يدعو الى القلق الكبير في حال لم يعد الرئيس الحريري الى لبنان.

إلا أن السفراء أجمعوا على ضرورة معالجة هذه الازمة، والدخول في مضمونها وعدم التلهي بالشكل، وأكدوا احترامهم لاستقلال وسيادة لبنان وضرورة المحافظة على أمنه واستقراره، وعدم ترك الساحة اللبنانية تتخبط بأزمات، تدخلها بنزاعات ومشاكل داخلية واقليمية.