Site icon IMLebanon

معالجة ازمة «الرئاستين» بتأييد الحريري و«حزب الله»؟!  

 

حملت عطلة نهاية الاسبوع مؤشرات بالغة الدلالة على خط معالجة الازمة الناشئة بين الرئاستين الاولى والثانية، وراحت بعيداً في تصعيد اعلامي – سياسي غير مسبوق على هذا النحو وهذا القدر.. على خلفية «مرسوم الاقدمية لدورة ضباط 1994» والاصلاحات المطلوبة في قانون الانتخاب، وتعززت مؤخراً بالخلاف حول «مؤتمر الطاقة الاغترابية» الذي دعت اليه وزارة الخارجية والمغتربين في ابيدجان (ساحل العاج) يوم الجمعة والسبت المقبلين، وتحفظت عليه حركة «أمل» ومناصروها وهدّدت بمقاطعته..

 

لقد تجاوز رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مطالب فريقه التي حملها وزير الخارجية (رئيس «التيار الحر») جبران باسيل، بتمديد مهلة تسجيل المغتربين، ووقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ليحسم الجدل الذي طال وتعددت عناوينه وتقر الانتخابات النيابية في السادس من ايار المقبل… لكن أحداً لم يكن يتوقع التصعيد الاعلامي – السياسي عبر محطتي «ان.بي.ان» (المحسوبة على الرئيس نبيه بري) و«أو تي في» (الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر»)، وهو تصعيد فتح الباب واسعاً أمام العديد من السيناريوات والتوقعات التي لا تحمد عقباها، ولن تبقى في نظر مراقبين ومتابعين محصورة بين «الحركة» و«التيار»، الامر الذي اثار المزيد من القلق والخوف مشفوعة بجملة مواقف صادرة عن هذا الفريق او ذاك، تكللت باعتذار الرئيس بري عن عدم حضور القداس الاحتفالي بعيد شفيع الطائفة المارونية (مار مارون) في التاسع من شباط المقبل، على الرغم من ابلاغه  ان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي سيرأس الاحتفال؟!

حاول رئيس الحكومة سعد الحريري «ضبضبة» النزاع ضمن حدود وسقف معينين.. وكذلك حاولت قيادات من «حزب الله»، لكن الامور بقيت على حالها بين «الحركة» و«التيار» وذلك على الرغم من العلاقات الوطيدة بين الحزب والرئيس نبيه بري كما ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون.. الى ان كانت زيارة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الى «بيت الوسط» ليل أول من أمس ولقائه الرئيس الحريري، بعد نحو 24 ساعة على زيارته عين التينة ولقائه الرئيس بري واعلانه من هنا ان «التحالف مع بري محسوم..».

زيارة جنبلاط لعين التينة، كما «لبيت الوسط»، سياسية – انتخابية بامتياز.. لكنها كانت مناسبة ليعلن الرئيس الحريري في دردشة مع الاعلاميين ان «علينا ان نخفف التوتر في البلد..» كاشفاً عن وجود خلاف سياسي حول المسائل المطروحة، ومعلنا أنه سيعمل على أساس ان نقيم تسوية..

صارح الرئيس الحريري الجميع بأن «ليس لديه الحل اليوم.. ولكن لا بد من القيام بشيء ما..» تبدأ من التهدئة الاعلامية «التي هي الاهم» لافتا الى ان هناك أزمات أهم بكثير، وعلينا جميعاً ان ننكب على معالجتها.. وان شاء الله نشهد في الاسبوع المقبل (هذا الاسبوع) حلحلة ما..» خصوصاً وأن الاستحقاق النيابي على الابواب، والجميع يتطلع الى ما ستكون عليه التحالفات وأين ستحط خيارات الاسماء؟! لم تمض ساعات على ذلك حتى أطل الرئيس الحريري من القصر الجمهوري ولقائه الرئيس العماد عون معلناً أنه «ستكون لي مبادرة لتهدئة الاجواء وأهدافي والرئيس عون والرئيس بري ادارة البلد بأفضل طريقة..» مشدداً على ان «البلد ليس بحاجة لتصعيد او تأزيم..»

يتفق غالبية الافرقاء المعنيين، ان «لبنان هو بلد التسويات» ولا أحد في هذا البلد يستطيع ان يستأثر بالقرار، أياً كانت الاعتبارات.. خصوصاً وان محاولات الاستقواء بالخارج، على ما جرت العادة – تراجعت بنسبة عالية جداً بسبب انشغالات الدول بمشاكلها، وما أكثرها.. وقد طرح البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الصوت، منبها ومحذراً من على مذبح الباحة الخارجية للصرح البطريركي من أنه «لا يحق للمسؤولين السياسيين عندنا ان يستمروا في حالة اللاثقة والخوف من الآخر، والخلافات الحادة على أبسط الامور والتناحر والاتهامات المتبادلة والسجالات المحتدمة..».

كثيرون قرأوا واستمعوا لعظة البطريرك، وكان تفليق الغالبية الساحقة يتلخص بـ«على من تقرأ مزاميرك يا داود..» والافرقاء كافة يتطلعون الى الانتخابات النيابية، وما ستكون عليه أحجام القوى السياسية وما اذا كانت تلبي مصالح الخارج»؟!

صحيح ان حركة «أمل» و»حزب الله» حسما خياراتهما بعيداً عن كل «أخذ ورد» لكن الحركة، كما والحزب، يحتاجان الى «مضبطة وطنية» في ظل ظروف وتحديات خارجية، لم يكن ولن يكون لبنان بعيداً عنها.. وما يجري على أرض الواقع لا يصب في مشروع بناء الدولة ولا في مسار تجنيب لبنان الوقوع في تجارب الماضي من جديد.. خصوصاً أكثر، ان الرغبات وحدها لا تغيّر في المعادلات، على رغم المساعي التي يقوم بها سفراء معتمدون لدى لبنان، من أجل إحداث تغييرات على أرض الواقع بفعل الانتخابات المقبلة الامر الذي أعاد الى الاذهان صور تدخلات سابقة للسفير الاميركي جيفري فيلتمان والسفير الفرنسي برنار ايمييه وغيرهما؟!

لقد كان وزير الداخلية نهاد المشنوق محقاً في تشديده على ان «لبنان بلد قائم على الديموقراطية والانتخابات التي ستجري في السادس من ايار المقبل، ولا نريدها منبراً لمزيد من الخلافات والمواجهات التي لا تفيد إلا الخصوم، بل لنسعى لتكون هادئة..» والانظار تتجه الى مبادرة الرئيس الحريري وما ستؤول اليه مشفوعة بتأييد من «حزب الله» لطي صفحة التشابك والازمة الناشئة بين الرئيسين عون وبري وبين «التيار الحر» وحركة «أمل»؟! خصوصاً وأن الحزب نجح في ضبط التلاسنات الاعلامية بين الفريقين بحدود؟!