Site icon IMLebanon

أزمة حكم ونظام  

 

…وهذا أسبوع تاسع ينقضي على التكليف من دون التأليف. إنها مسألة تلامس الخطوط الحمر وتنذر بخطر لا يمكن نكرانه. فهل نحن في مجرد أزمة تأليف عادية يتمادى فيها تصعيد المواقف، وتتراكم الصعوبات، وتتناسل العقد عقداً؟ أو ترانا دخلنا في أزمة حكم بالمعنى الحقيقي للكلمة؟

 

هذا هو السؤال المركزي، الذي يستدعي سؤالاً آخر قد يكون أبعد مدى وأشدّ خطورة: هل بتنا في حاجة الى تعديل جذري في الدستور؟ ومن له مصلحة في ذلك؟

والأسباب الموجبة للتقدير إنها أزمة حكم هو العجز المطبق عن التوصل الى مسار طبيعي في أي مسألة أساسية من مسائل دوران عجلة الدولة بشكل طبيعي.

فمنذ غياب الوصاية السورية التي كانت تأمر فتُطاع، وتقرر فتنفذ… في منأى عن مصالح البلاد والعباد، أثبت الواقع أنّ اللبنانيين أعجز من أن يسوسوا أنفسهم بأنفسهم:

1 – لم تُـجْرَ الإنتخابات النيابية في موعدها. فقد ثبت أن آلية الحكم أعجز من أن تنفذ إجراء دستورياً، قانونياً، طبيعياً. لذلك عايشنا التمديد للمجالس النيابية، وآخرها ثلاثة تمديدات للمجلس النيابي السابق! وتلك حال شاذة لا تُعْرَف إلاّ في البلدان المصنّفة «فاشلة».

2 – لقد عاش البلد فراغاً في رأس السلطة تمادى أوقاتاً غير قصيرة، وتكرر غير مرّة، وآخرها ما يقارب السنوات الثلاث الأخيرة فراغاً التي سبقت إنتخاب الرئيس الجنرال ميشال عون. ولا يوجد في الأفق أي مؤشر الى أننا قادرون على إنتخاب رئيس الجمهورية في ظروف طبيعية بعد العهد الحالي. والعكس صحيح فالمؤشرات المتوافرة كلها تنبىء بأننا سنقع في فراغ ليس يُعرف مداه الزمني.

3- وأما تشكيل الحكومات فحدّث ولا حرج! كل طرف يستل من أدراجه مسلسل مطالب هي في الحقيقة أكوام من العراقيل والعقد التي ليس لها حدود. حتى إذا حُلّت عقدة برزت عُقَدٌ أشدّ وأقوى. ومن أسف أننا لم نعد نستغرب أن يتأخر التأليف الذي بات يحسب بالأشهر وليس بالأسابيع. يحدث هذا في وقت تتراكم أيضاً المستحقات المرتبطة بقيام حكومة طبيعية في البلد.

نشير الى هذا العجز الثلاثي، ولا ندخل في الصلاحيات على أنواعها، لكثرة ما هي مسألة طويلة ومعقّدة تقتضي بحثاً مسهباً ومعمقاً ليست هذه العجالة المكان الملائم له في خاتمتها.

ماذا يعني ذلك كله؟

ألا يعني أن الحكم عندنا في عجز وعقم جراء النصوص الملتبسة؟

ثم ألا يعني، عملياً، أننا في أزمة حكم ولسنا أمام مجرد عملية تشكيل حكومة، أو، من قبل، أمام مسألة إجراء الإنتخابات الرئاسية، أو، قبلهما، أمام مسألة إجراء الإنتخابات النيابية؟!

وإذا لم تكن هذه أزمة حكم ونظام فماذا تكون؟

طبعاً، نحن لا نسقط من حسابنا الجشع والأطماع والأدوار الخارجية… فهذه كانت موجودة في الجمهورية السابقة، ولكن الأمور كانت تُجرى بسلاسة. فالخلاف الحاد بين الحلف الثلاثي والنهج في العام 1970 لم يحل دون إنتخاب المرحوم سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية ضمن المهلة الدستورية الطبيعية ليفوز بالصوت الواحد؟!.

ومن أسف، أننا يوماً بعد يوم نترحم على الماضي!