IMLebanon

أزمة النزوح السوري

٤٨ ساعة تبدأ اليوم، لمعالجة أزمة النزوح السوري الى لبنان.

وهذه الأزمة مستمرة منذ نحو ثمانية أعوام.

وهي كانت موضوع درس، في بروكسل، ورافقت الرئيس سعد الحريري، من باريس الى برلين، وأكبّ على دراستها الأوروبيون في الخليّة الأوروبية للأزمات.

ولبنان، تحمّل أوزار النزوح الفلسطيني قبل قرابة مائة عام، ويتحمّل الآن نكبة النزوح السوري الى العواصم العربية الثلاث: بغداد، عمان وبيروت.

لا أحد يملك حلاًّ.

ولا أحد يتجاهل هذه الكوارث الاجتماعية.

لكن، العالم كله، من روما الى لندن، يدرك ان هذه الكارثة كبيرة وعمرها طويل، ولا بد من ايجاد حلّ مدروس، لمشكلة قابلة للمعالجة، ومؤهلة لمزيد من التصاعد.

إلاّ أن القضية هي انسانية، وتتطلب معالجة عالمية، لأن دولة واحدة تبقى عاجزة عن ايجاد حلّ سريع لها، وليست الأموال وحدها قادرة على الحلّ.

صحيح، ان للسوريين مسؤولية كبرى في المعالجة.

إلاّ أن الصحيح أيضا، هو عدم ترك المشكلة تتفاعل، في خضم هذا النزوح، وثمة دول أوروبية وأميركية مؤهلة لدرسها والمعالجة، وعندها مساحات شاسعة لاستيعاب النازحين. وهذا لا يعفي السلطة السورية من المعالجة، ولا يعفي أيضا النازحين السوريين مما يترتب عليهم من مسؤوليات.

والمزاعم، من جانب الحكومة والمعارضة غير مجدية، لأن السلطة تريد تطويع المعارضين السوريين وطاعتهم للنظام، والمعارضة تضع اقالة الرئيس بشار الأسد من الحكم، شرطا للدخول في مفاوضات سريعة، وهذا ما لا يقود الى حلّ.

والمسؤولية في هذا الأمر، تقع على الاتحاد الروسي، وعلى الرئيس فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته لافروف، وعلى تركيا وايران في الدرجة الأولى. وإلاّ فان الأزمة مرشحة للاستمرار مئات السنين، ولا أمل في تبديد الشروط والشروط المضادة في المدى المنظور.

صحيح، ان سوريا النظام تتحمّل مسؤوليات كبيرة، لأن رحيل بشار الأسد عن السلطة أمر متعذر الآن، خصوصا بعد اعلان الرئيس دونالد ترامب ان امكانات الولايات المتحدة، لم تعد تتجاهل اهمتية وجود الرئيس الأسد على رأس النظام.

وهذا ما يفتح الباب، أمام حوار ظلّ مقطوعا بين النظام السوري ومعارضيه.

والتطورات الجديدة، تقرع ناقوس الخطر في آذان القادة من جوانب مختلفة، ولا سيما في ظلّ المشاركات التركية من جهة والايرانية من جهة أخرى. وهذا ما يحتّم وضع أسس جديدة للمفاوضات، أبعد من مساعي يقوم بها دي ميستورا وسواه من أركان الأمم المتحدة.

لا يستهان مطلقا بالمواقف الجديدة الصادرة عن الرئيس الأميركي الجديد ترامب، ولا بما تعبّر خلاله معظم الدول عن مواقفها. إلاّ ان الحاجة الدولية الى حلّ باتت معجزة تفرض نفسها على الجميع.

ولعل مؤتمر المجموعة الأوروبية في بروكسيل يحتم اعادة النظر بالحلول السابقة، بل ربما يوجب الانطلاق منها الى حلول قابلة للدرس والمعالجة.

ولبنان، وحده لا يمكنه تحمّل أوزار المشكلة، ولا المعاناة الصعبة للالوف من النازحين السوريين، خصوصا اليه والى الأردن والعراق.

ولبنان، سبق وعاين مشكلة النزوح منه الى دمشق، في العام ١٩٧٥، وهذا يتطلب مساندة عامة في الداخل والخارج، ولا يتوقف على جهة واحدة من الجهات المعنية بأزمة النزوح.