IMLebanon

ازمة المرسوم تراوح… والرياض تفتح باب العلاقات الايجابية  

 

لم يخفِ الرئيس سعد الحريري مساعيه على خط الوساطة بين الرئاستين الاولى والثانية، بهدف حل عقدة مرسوم الأقدمية لضباط دورة العام 1994، وهو أحد الموقعين على المرسوم الى جانب توقيع الرئيس العماد ميشال عون، الذي أعلن يوم أمس، ان المرسوم أصبح نافذاً ولا داعي لنشره في الجريدة الرسمية.. كما لم يخفِ الرئيس الحريري ارتياحه «للتجاوب الذي لقيه» حيث، ولساعات خلت، كان عديدون يتوقعون ان تكون الساعات المقبلة حافلة بـ»المفاجآت» في محاولة منه لتطويق مفاعيل الخلاف الناشىء بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري، والذي على ما يظهر لم يحقق تقدماً يذكر، قبل ان تعود الحكومة الى استئناف جلساتها ظهر اليوم الخميس في القصر الجمهوري في بعبدا، برئاسة الرئيس عون.

 

في المعلومات المتداولة، ان الرئيس بري قدّم صيغة مخرج، او «مسودة مخرج.. تمثل باحالة المرسوم الى وزير المال علي حسن خليل، وهو (أي بري) يكفل توقيع الوزير خليل في حال ثبت ان هناك تكاليف مالية يرتبها المرسوم العتيد.. لكن وعلى ما أظهرته وقائع يوم أمس، فإن المسألة «مكانك راوح».

 

يشدد الرئيسان عون والحريري على ضرورة الانتهاء من هذه الاشكالية التي أخذت حجماً أكبر كثيراً من حجمها الطبيعي، خصوصاً وأن لبنان على أبواب استحقاقات بالغة الأهمية، من أبرزها الانتخابات النيابية وسائر الملفات.. وبداية مرحلة جديدة من العلاقات الديبلوماسية مع المملكة العربية السعودية بعدما قدم السفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوب أوراق اعتماده أول من أمس لوزير الخارجية جبران باسيل، وامس لرئيس الجمهورية العماد عون في القصر الجمهوري في بعبدا، ليتسلم السفير مهامه على رأس الديبلوماسية السعودية في العاصمة اللبنانية – بيروت.

 

في قناعة عديد من المتابعين ان الخطوة السعودية بالغة الأهمية، وأن تأخرت لعام ونصف عام تولى خلالها القائم بالأعمال وليد البخاري ادارة شؤون الديبلوماسية للسعودية في بيروت.. وهي – أي الخطوة لم تأتِ من فراغ، وان جاءت متأخرة بعض الوقت، بعدما ربطت في العلن بموافقة الرياض على اعتماد سفير لبنان المعين لدى المملكة فوزي كبارة.. إلا ان البعض يرى ان المسألة قد تكون أبعد من ذلك لاعتبارات عديدة..

 

ليس من شك في ان المساعي الدولية، وعلى وجه الخصوص الفرنسية منها، التي دخلت على خط تقويم العلاقات، ساهمت في ابعاد الازمة وتمكنت على الأقل وضع أزمة  العلاقات على سكة الحل، بعدما تمكنت باريس من كسر الجليد، وأفضت الى موافقة الرياض على قبول اعتماد السفير كبارة..

 

يتطلع الجميع الى المستقبل، والى ما ستكون عليه العلاقات الثنائية بين الرياض وبيروت في ظل تطورات اقليمية بالغة الدقة والخطورة، لم يكن لبنان بمنأى عنها، خصوصاً مع مشاركة «حزب الله» في العديد من الصراعات الخارجية، على رغم قرار الحكومة الذي اتخذ باجماع مكوناتها «النأي بالنفس» معززاً بتأييد «مجموعة الدعم الدولية للبنان»، والذي ذهب الى أبعد من الترحيب بعودة الرئيس الحريري عن الاستقالة والبدء بممارسة دوره مع تأكيد ضرورة المحافظة على الأمن والاستقرار والنأي بلبنان عن كل الصراعات الخارجية التزاماً بالقرار الدولي رقم 1559 والتمسك بـ»اعلان بعبدا» الذي اعتبره «حزب الله» من الماضي، على خلفية أنه دعا الى حصر السلاح بيد السلطة الشرعية، استناداً الى «الاستراتيجية الدفاعية» التي عمل لها الجميع عبر «مفاوضات عين التينة» بين «المستقبل» و»حزب الله» برعاية مباشرة من الرئيس نبيه بري ممثلاً بالوزير علي حسن خليل..

 

لا يختلف اثنان على ان المرحلة المقبلة من العلاقات اللبنانية – السعودية ستوفر للبنان سنداً قوياً معززة بضمانات يجري الحديث عنها يقدمها الرئيسان عون والحريري لجهة «النأي بالنفس»، ما يدفع الى التفاؤل بإحداث نقلات نوعية في العلاقات.. على على الرغم من الصعوبات التي قد تواجهها في ضوء التطورات الاقليمية المستجدة على الساحة الايرانية وما يمكن ان تؤول اليه وما يمكن ان تكون انعكاساتها على واقع المنطقة وتحديداً لبنان، بالتقاطع مع التطورات البالغة الخطورة على الجبهة الفلسطينية، والناجمة في معظمها عن «وعد ترامب» وتصويت الكنيست الاسرائيلي بغالبية الاصوات على ان تكون القدس موحدة (عاصمة لاسرائيل) وضم سائر المستوطنات في الضفة للكيان الاسرائيلي..

 

يدرك الرئيس الحريري صعوبة المرحلة وتعقيداتها، وهو يرى ان بداية الحل تبدأ من الداخل اللبناني وعدم تكبير حجم المسائل بأكثر مما تحتمل، معرباً عن أمله في ان يكون بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، خصوصاً وأن لبنان بات على أبواب الانتخابات النيابية.. ولا بد من بذل الجهد سياسياً لتصفية الاجواء، مؤكداً رفضه زج العسكر في معمعة السياسة ومشدداً على حتمية الوصول الى حل لمسألة مرسوم الضباط يكون باب العودة الى العلاقات الطبيعية، مذكراً بأن لبنان مرَّ بقطوعات أصعب بكثير ونجح في الخروج منها..