على الرغم من الأجواء السلبية التي تحوط بنا، والانهيار الاقتصادي والأزمات المتلاحقة، الّا انّ الأمل ليس مفقوداً، فلبنان يملك مقومات كثيرة وفرصاً عدة، وامكانية الخروج من الأزمة ليس مستحيلاً اذا اعتمدنا حلولاً سليمة ورؤيوية، ولا نسمع اليوم حلولاً جدّية للتأسيس لاقتصاد منتج، فالحلول غالبيتها للترقيع واعطاء إبرة مورفين، اي زيادة الاستدانة، اي حلول ترتكز على مزيد من الاستدانة، وهي ليست الحل.
سنطرح عبر سلسلة مقالات، الحلول التي نعتبرها اساسية لبناء اقتصاد منتج، والتي تستفيد من غنى لبنان ومقوماته لتحقيق انجازات اقتصادية وخلق فرص انتاج:
– البند الاول: هو الحل الذي «زهقتكم» من كثرة تكراره، وهو قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، وهو القانون الذي لم تتبنّوه حتى الآن، علماً انّ لا حل في لبنان من دونه، ولن تكون أي حلول ناجحة اذا لم يتمّ تطبيقه بجدّية.
– البند الثاني: التعليم، وهو حاجة ماسّة اليوم على اعلى المستويات، لأنّ العالم اليوم في سباق مع الذكاء الاصطناعي والروبوت، وخصوصاً انّ الحكومات تفشل عموماً في توفير تعليم جيد يواكب متطلبات المستقبل، لا غنى اليوم عن تعليم الجميع في مستوى متطور (نعني بالجميع، كل المستويات الاجتماعية وحتى الاكثر فقراً) ويجب البحث في تجنيد طاقات جديدة من خارج الحكومة لحلّ هذه المشكلة. كما انّ علينا التفكير جدّياً في انشاء جامعات متخصّصة ومتطورة في صناعة السينما والتلفزيون والفنون والرياضة، فحين ستختفي بعض المهن في المستقبل سنحتاج الى بدائل، حيث في المختصر، انّ كل مهنة يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام بها ستختفي.
– البند الثالث: تغيير كافة الإجراءات الادارية والرسمية المعمول بها في لبنان، من رخص ومعاملات وانشاء شركات وترخيص الخ.. هذا ضروري لتحفيز الاستثمار وتفعيل البيئة الانتاجية والخروج من البيروقراطية القاتلة. كما اعادة تقويم القطاع العام وتقليصه بما يتناسب مع الفعالية، والتخلّص من كل فرص العمل الوهمية، والتي تكبّد الاقتصاد اعباء كبيرة، وتأمين بدائل للموظفين عبر تدريبهم ومنحهم وظائف منتجة ملائمة.
– البند الرابع: كسر الاحتكارات على اشكالها وانواعها في الاقتصاد اللبناني، وإعادة التنافسية لكل القطاعات والخدمات، ما من شأنه تحسين الخدمات وخفض الاسعار وخلق فرص انتاج للشباب.
-البند الخامس: تطوير السياحة بما يتناسب مع مقومات لبنان الفريدة والمميزة، والتي لم يتمّ الاستفادة منها بعد في الشكل الكافي، فلدينا فرص كبيرة في السياحة الثقافية والبيئية والطبية، سياحة المؤتمرات والمعارض، السياحة البحرية وسياحة التزلج، السياحة الرياضية، ويمكن ابتكار افكار جديدة، مثل تقديم خدمات تعليمية ومدارس صيفية للسياح والمغتربين الذين يزورون لبنان. كما يجب التفكير في خطط لاستقطاب السياح من القارة الجنوبية، حيث انّ عطلتهم الصيفية تصادف في فصل الشتاء لدينا، وهذه فرصة اساسية لإنعاش فصل الشتاء وانعاش السياحة طوال السنة.
ـ البند السادس: التركيز على الصناعات والزراعات التي نملك فيها افضلية تنافسية وتفاضلية، وتشجيع هذا النوع من الانتاج مع خطة متكاملة لدعم الصادرات وحل مشكلات الاستيراد والتصدير وجعلها تنافسية لتوفير اسواق عالمية.
-البند السابع: اعادة بناء قطاع مصرفي سليم لإعادة الثقة، عن طريق انشاء بنوك جديدة من التي تفهم قيمة المحافظة على مال الناس، والتمسّك بالسرّية المصرفية لانّها ميزة اساسية في قطاعنا المصرفي. ولكن التشديد على اعتماد الشفافية المطلقة في عمل المصرف المركزي لأنّه يتعاطى حسابات المال العام.
-البند الثامن: خلق شبكة تعاون مع لبنانيي الخارج، وجعل العلاقة اساسية لمصلحة الطرفين، وخصوصاً انّ العالم اصبح صغيراً وباتت امكانية التعاون والاعمال سهلة مع جميع المغتربين في اصقاع الارض.
-البند التاسع: إجراء دراسة جدّية متكاملة لتقويم املاك الدولة واراضيها وعقاراتها، فيتمّ بيع ما لا يتمّ استعماله، وخصوصاً أنّ عدم بيع بعض الاراضي يؤذي، مثل الإبقاء على اراضي السكك الحديد البحرية، بالاضافة الى شراء اراضٍ جديدة لمشاريع مواصلات اساسية وحيوية.
-البند العاشر: تشجيع توظيف اللبنانيين والتخلّص من فكرة انّ هناك اعمالاً لا يقوم بها لبنانيون، وتغيير العقليات المتعلقة بقيمة العمل والانتاجية، واقناع الجميع بأنّ كل عمل هو شريف ولا يوجد أي عمل حقير.
– البند الاخير: وتبقى الشفافية البداية والنهاية، أعيد التذكير بها في كل وقت حتى لو سأمتم من سماع التكرار، لأنّها هي الحصن المنيع الذي سيحمي الجميع من الفساد والهدر.
هذه بعض الحلول الاساسية التي سنشرحها ونوسعّها في مقالات مقبلة.