IMLebanon

أزمة «أمن الدولة»… إلى الحلّ

تعيش البلاد مرحلة استقرار أمني وسياسي نتيجة التسوية السياسية الأخيرة التي أدّت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، الأمر الذي أعطى بارقة أمل في حلّ أزمات عصفت بالوطن وأدّت إلى شلّ المواقع والمؤسسات الدستورية.

تُعتبر أزمة جهاز أمن الدولة من الأزمات التي ورثها العهد الجديد نتيجة غياب القائد الأعلى للقوّات المسلّحة، أي رئيس الجمهورية، وانتقال صلاحياته إلى الحكومة مجتمعةً، وما رافقَ ذلك من تصرّفات أدّت إلى التضييق على الجهاز، علماً أنّ نائب رئيس القائد الأعلى للقوات المسلّحة أي رئيس حكومة تصريف الأعمال تمّام سلام اعترَف بأنّ هناك مشكلة شخصية ساهمَت في تدهورِ الوضع في الجهاز.

يتبع أمن الدولة مباشرة للقائد الأعلى للقوات المسلّحة ونائبه، عكس بقية الأجهزة، وبغضّ النظر عن المرحلة السابقة والطريقة التي تمَّ فيها التصرّف مع هذا الجهاز، فإنّ الدروس المستقاة من التعامل معه تدلّ على أمور عدّة بعيدة كلّ البعد من الملفات الشائكة، وتَطرح مسألة استمرار عمل أجهزة الدولة في وقت المحن والأزمات.

وفي هذا السياق، يؤكد مرجع أمني لـ«الجمهورية» أنّ «الأمن القومي اللبناني يستدعي تعاملَ كلّ الأجهزة الأمنية بعضها مع بعض وتنسيقها، بغضّ النظر عن حجم الجهاز أو تأثيره أو المهام المناطة به، خصوصاً أنّ المرحلة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة خطيرة مع تفشّي «داعش» والمنظمات الإرهابية في الدول المحيطة بلبنان، وما استبعاد المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة عن اجتماعات السراي الأمنية إلّا دليل على وجود خلل في تركيبة السلطة الحاكمة».

ويشير المرجع إلى أنّ «العمليات التي نفّذها أمن الدولة رغم الحصار المفروض عليه كانت دليلاً على نجاحه في مهامّه، على رغم أنّ «داتا» الاتصالات محجوبة عنه، وهي ضرورية في التحقيق مع أيّ شبكة إرهابية، وقدّ تخطّت طلبات الحصول على «الداتا» في خزانة السراي الـ500 طلب».

لكن بعد انتخاب عون رئيساً، عاد الأمل بفكّ الحصار عن الجهاز، وبرَز ذلك من خلال استقبال رئيس الجمهورية، اللواء قرعة، في قصر بعبدا، حيث تمّ التداول في أسباب الأزمة والأضرار التي سبّبتها في عمل الجهاز، وضرورة إنهائها سريعاً، لأنّ الرئيس عون يملك تصوّراً وطنياً لعمل كلّ الأجهزة وتكافلِها والتنسيق في ما بينها، وأمن الدولة يشكّل إحدى ركائز منظومة الأمن القومي الوطنية، خصوصاً أنّ عون إبن المؤسسة العسكريّة، فخرَج قرعة من الاجتماع مرتاحاً، بعدما أعطاه عون الوقت الكافي للاستماع إلى المشكلة، في حين أنّ سلام كان يستثنيه من الاجتماعات، حتّى إنّه لم يُدعَ إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية مثل بقية قادة الأجهزة.

إلى ذلك، يشكل تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة عاملَ إطمئنان للجهاز، لأنّ التعاون كان على أوجّه عندما كان الحريري في السراي ولم تحصل أيّ مشكلة، كذلك، فإنّ الحريري خصّ الجهاز بمبلغ مهمّ من هبة المليار دولار السعوديّة.

ووفق المعلومات، فإنّ قرعة سيُدعى مجدّداً الى الإجتماعات الأمنية، وعون يرغب في وقف التهميش والتعويض عن المرحلة السابقة، لأنّ المرحلة لا تتحمّل كيديات ومناكفات تضرّ في سمعة البلد وإستقراره الأمني وسط المخاطر التي تهدّده.

وفي السياق، تقول مصادر في «القوّات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ»: «يمكن إعتبار أزمة أمن الدولة إنتهت من اللحظة التي إنتُخب فيها عون، ويبقى تنفيذ الخطوات العملية التي تؤدّي الى فكّ الحصار عن الجهاز والتي تستغرق بعض الوقت في انتظار تأليف الحكومة الجديدة».

وتجزم المصادر أن «لا تراجع عن هذا الملفّ، فهو شكّل قضية طارئة للأحزاب المسيحية وبكركي والوزير ميشال فرعون، لكنّ العرقلة كانت دائماً سيدة الموقف مع عدم وجود نيّة حلّ، ما استوجب موقفاً مسيحياً جامعاً، مع أنّ القضيّة هي وطنيّة بامتياز».

وفي ملخّص عن الخطوات الواجب اتخاذها سريعاً لحلّ الأزمة، تبقى الأولوية الامنية في الإفراج عن «داتا» الإتصالات لمساعدة الجهاز في كشف الجرائم وتنفيذ الأمن الإستباقي، من ثمّ الإفراج عن المصاريف السرّية، ومعالجة الملفّات العالقة في وزارة المال ودفع كلّ مستحقاته التي ينصّ عليها القانون، إضافة الى عدم التضييق عليه في ممارسة مهامه العادية والروتينيّة، وحلّ الأزمات الإدارية المفتعلة، لأنّ وضعه وصل الى حال يُرثى لها، وإنتخاب رئيس الجمهورية شكّل خشبة خلاص له.