Site icon IMLebanon

أزمة بلا مخارج!

 

مشكلة لبنان أنه و«الأزمة» شقيقان توأمان، مولودان من أم وأب محكومان بذهنية سياسية تحترف فقط الدخول في «أزمة»، لكنها لا تعرف كيف تخرج منها. وإن خرجت، فإما بصدفة يكون الفضل فيها لضربة حظ، وإما بمحطة دموية مكلفة كتلك التي انتقل فيها لبنان الى زمن الطائف.

هذه الصورة، يرسمها مرجع كبير؛ أزمات تتوالد وتتراكم، والحبل على الجرّار مع الذهنية المعشّشة في بعض الرؤوس والنفوس. ومن الطبيعي جداً في هذه الحالة أن تنعدم الحلول والمخارج والقواسم المشتركة وأن يتعطّل كل شيء بدءاً من تأليف الحكومة الى كل الأمور الأخرى.

قبل الطائف، كانت ازمة نظام، ازمة تفرّد وامتيازات، ازمة شراكة. وأما بعده، فالمعاناة استمرّت، وفاقت فترة ما قبل الطائف بتفريخ الأزمات، وعددها ونوعيّتها، والشواهد لا تُحصى:

المجال لا يتّسع لإيراد مسلسل الأزمات كله، القاسم المشترك بينها انها كلها مازالت حيّة، منها ما هو مشتعل ومنها ما هو جمر تحت الرماد، والبلد مقسوم على كل منها ولم يصل الطاقم السياسي الى ايجاد حلّ نهائي لأيٍّ منها، ومَن المسؤول هنا.. فالله أعلم!

يبقى أنّ أزمة التأليف مفتوحة، والجبهات السياسية مشتعلة تتقاصف بكلام من كل العيارات. وفي الموازاة اشتعلت أزمة النازحين السوريين. يغذّيها بازار المزاديات والاستثمار السياسي.

كل الأزمات خطيرة، لكنّ الأخطر هو أزمة النازحين، الروس بدأوا تحرّكاً لعله يحقق هدف لبنان بإزاحة هذا الثقل عنه، الذي زاد عن المليوني نازح بكثير، فالسنوات الاخيرة سجّلت زيادة ولادات في صفوف النازحين ما فوق الـ300 ألف ولادة.

لبنان يريد عودة النازحين، العالم كله، الصديق والشقيق وبشهادة كل المسؤولين لن يقدّم مساعدات لا آنيّة ولا مستقبلية لتوفير هذه العودة، والأعباء تتزايد والولادات ايضاً، والشحّ المالي يصرخ، ومع ذلك يتفجّر سجال داخلي هو كيفية العودة. ويدخلها في السياسة بين طرف يدعو الى الحوار مع النظام السوري لتسهيل هذه العودة، وبين طرف يرفض أن يقدّم لهذا النظام شرعيّة أو تغطية من خلال هذا الحوار.

لبنان في نهاية الامر يريد أكل العنب، لكنّ السجال مستمرّ بين الطرفين، وقد يتفاعل ربطاً بتطوّرات هذا الملف. ثمّة فكرة حلّ يطرحها احد المراجع، تقول بمبادرة رئيس الجمهورية الى الدعوة الى طاولة حوار حول النازحين لبلورة موقف لبناني موحّد. مع أنّ الطريق الأسهل لهذه العودة يتمّ عبر حوار بين الحكومتين اللبنانية والسورية. ويجب ألّا ننسى أنّ لبنان يحاور إسرائيل بشكل غير مباشر، وبرعاية الامم المتحدة وعبر الأميركيين، حول الحدود البرّية والبحرية، وكذلك عبر (اللجنة العسكرية الثلاثية المشتركة) حول المشكلات التي تحصل بين حين وآخر على الحدود.