كيف يُنفق 200 مليون دولار سنوياً لشراء خدمات اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو وصفوف العهد والبرج وشباب الساحل تزخر باللاعبين العالميين وبأسعار معقولة؟
أخلاقياً كيف تُصرف مبالغ خيالية، لإعلاء شأن كرة القدم السُعودية ولبنان الشقيق على حافة الإنهيار وبأمس الحاجة للدعم المالي والمكرمات غير المشروطة؟
ألم يكن مفترضاً، بالمسؤولين في المملكة، الإلتفات إلى لبنان، وقطاعاته المتداعية بدلا من التلهي بمواسم الرياض وفعالياته وتأسيس مدينة نموذجية للتكنولوجيا وتطوير الجامعات والمستشفيات والمؤسسات الرسمية؟
وأنت تستمع، إلى انتقاد المرشد الأعلى لطرائق عيش السعوديين وبذخهم على كرة القدم، وعدم إيلائهم الأزمة اللبنانية كبير اهتمام، تظن ان سماحته “مسلّفن وإلو علين”، وليس في خطبه، طوال أعوام سوى كل الحب والتقدير والإحترام للمملكة. أما دعوة السيد “مشاهديه”، إلى مراقبة موضوع مصر، التي تقيم أفضل العلاقات مع السعودية والخليج وأميركا وصندوق النقد الدولي، ولم تنفعها علاقاتها بشيء، فلاقت الرد المناسب من الخارجية المصرية، بلسان الناطق الرسمي حمد أبو زيد. “تصريحات عبثية وليست سوى محاولة لاستدعاء بطولات زائفة”. قال أبو زيد. مهلاً سي حمد، إن المرشد الأعلى، في خطابه الأخير أمام الأنتليجنسيا اللبنانية، كان غاضباً على فريق النصر ونقطة على السطر. ساءه أن يبدد “النصر” أمواله في صفقة كروية باهظة واللاعبون “المصاروة” حاضرون للدفاع عن ألوان الهلال والنصر والأهلي والفتح. ممَ يشكو اللاعب أحمد سيد زيزو؟ ولماذا لم يتعاقد النصر مثلاً مع المهاجم المصري محمد علي أفشة الذي لا يقل براعة عن الفرنسي كيليان مبابي والأرجنتيني ليونيل ميسي؟ الكنيسة القريبة ما بتشفي.
دائماً يفاجئ سماحة المرشد جمهوره بسعة معرفته وتنوع ثقافته وسحر خطابه، وقد بدت أمائر الإندهاش على الدكتور وليد فيّاض، المنضم حديثاً إلى الصف الأوّل. يحاجج المرشد في فقه الدستور اللبناني، يناقش في الاستراتيجيات العسكرية، يحلل في سياسات العالم، ويذهل العالم بخيارات إقتصادية مذهلة، (الجهاد البلكوني نموذجاً) ينظّر في ثقافة الحوار. يصول ويجول في كل ميدان. لكن اعجب العجاب، أن يكون سماحته ملماً بسوق الإنتقالات الكروية، وعالماً، ربما، بخفايا العقد بين “باري سان جيرمان” وليونيل ميسي والبالغة 35 مليون يورو سنوياً، كما بالعروض المقدمة لسيموني زازا وماكس كروزه.
في الخلاصة، هضم المرشد الأعلى لسنوات حروباً وانتصارات مكلفة. هضم تحوّلات. هضم ثورات. هضم تفكك الدولة / الرهينة. هضم خسارته الأكثرية. هضم الإحتجاجات الشعبية، لكن ما كان عصياً على الهضم، صفقة رونالدو. ويحه نادي النصر.
