IMLebanon

إنتقادات جعجع «الخجولة» لنصرالله لم ترض الأميركيين… !

 

عودة نائب وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد الى بيروت رافقتها بالامس «خيبة أمل» من الحلفاء، فاضافة الى تمسك لبنان بموقفه الرافض للمساومة على حقوقه الغازية المشروعة في البلوك9، ومرواحة التسوية التي تحاول واشنطن إرساءها بين بيروت وتل أبيب لحل النزاع النفطي بينهما مكانها، لم يتجاوب اي من حلفاء الولايات المتحدة معها «لمحاصرة» موقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي وضع معادلة المقاومة «الردعية» بتصرف الدولة اللبنانية. وحده رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع استجاب لرغبة واشنطن ولكن «باستحياء» شديد بعد ان تريث لايام قليلة بانتظار صدور موقف مماثل من رئيس الحكومة سعد الحريري. بعد طول انتظار اضطر قبل ساعات من عودة ساترفيلد الى «التغريد» وحده خارج «السرب»، عبر اطلاق سلسلة من التعليقات لم يتجاوز صداها حدود مسامع الحاضرين في معراب، «والانكى» انها لم «تطرب» السفارة الاميركية في عوكر باعتبار ان الموقف «كان دون المستوى المطلوب..».

وبحسب مصادر في 8 آذار بما دار من نقاشات سبقت عودة ساترفيلد الى بيروت، بان الاميركيين هالهم «الصمت» المطبق لدى القوى الوازنة في لبنان ازاء كلام نصرالله الذي اظهر حزب الله القوة الوحيدة القادرة على الدفاع عن ثروات البلاد في مواجهة الاطماع الاسرائيلية.. هذا التفصيل مهم جدا للالة الدعائية الاميركية التي صرف عليها ملايين الدولارات لتشويه صورة الحزب من خلال ترسيخ صورة نمطية تعتبر سلاحه غير شرعي. ولذلك من غير المقبول اميركيا ان يتحول بين «عشية وضحاها» الى جزء من منظومة الدفاع الرسمية، وبشروط نصرالله لا بشروط الدولة اللبنانية.

مرة جديدة عاد رئيس القوات اللبنانية الى «معادلة» سبق وطرحها على المملكة العربية السعودية قبل «احتجاز» الرئيس الحريري في الرياض، عندما طلبت منه السير في مواجهة مفتوحة مع حزب الله، وابلغهم انه بدون قيام رئيس الحكومة بصفته رئيس تيار المستقبل «السني» بدور «رأس الحربة»،لا امكانية للنجاح في هذه الحملة. هذه المرة ايضا ابلغ «الحكيم» الاميركيين ان المطلوب هو «اقناع» الحريري باتخاذ موقف مماثل لانه وحده من يقدر على «سحب» الشرعية من طرح السيد نصرالله باعتباره رئيس السلطة التنفيذية وبمقدوره ان يعيد الاعتبار الى الدولة باعتبارها المفاوض الاساسي والوحيد في هذا الملف. وقد نصح في هذا السياق بعدم الرهان على اي موقف من رئيس الجمهورية ميشال عون او الرئيس نبيه بري كونهما جزءا مكملا لمنظومة «يديرها» حزب الله في البلاد.

وبحسب تلك المصادر في 8 اذار، عدم استجابة الرئيس الحريري «للضغوط» الاميركية وتجنبه اطلاق اي موقف من كلام السيد نصرالله «احرج» جعجع الذي كان يحاول ايجاد الصيغة المناسبة التي لا تظهره كانه يفرط بالثروة اللبنانية، ويعارض الاجماع الوطني، وهو كان قد ابلغ بعض المقربين منه ان «تجاهل» موقف حزب الله قد يكون مفيدا في هذه المرحلة، ويمكن الاستفادة منه بطريقة او بأخرى على «طاولة» المفاوضات مع الاسرائيليين. لكن «الصمت» لم يعجب الاميركيين كثيرا، وابلغ انه ليس ملزما بانتظار موقف رئيس الحكومة، وغياب الردود بعد عدة ايام من تهديدات السيد نصرالله اظهر اللبنانيين موحدين وراء موقفه «وسلموا» بشكل او بآخر بالحاجة الى استراتيجيته الردعية في مواجهة اسرائيل…

ونتيجة للحرج الشديد وجد رئيس حزب «القوات اللبنانية» طريقة «مبتكرة» «لا تغني ولا تثمن عن جوع» للرد على السيد نصرالله فقال بجملة حمالة اوجه انه اذا صحّت مقولة ان المقاومة هي القوة الوحيدة التي يمكننا الإتّكال عليها فعلى الدنيا السلام، ليس لأننا لا نريد المقاومة، وإنما لأنه لن يعود هناك من دولة وفي هذه الحال لا وجود للبنان، سائلاً «ماذا سيبقى من الدولة إلى جانب ما يسمونه «المقاومة»؟ طبعا هذا الخلط بين وظيفة المقاومة ودور الدولة «المصادر» وعدم اطلاق موقف صريح وحاسم لرفض تدخل حزب الله في هذا الملف، لم يرض السفارة الاميركية في بيروت، فما كان مطلوبا هو سقف اعلى في الخطاب، يوازي كلام السيد نصرالله في الشكل والمضمون، وقد حرصت السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد على ايصال رسالة واضحة الى  جعجع، عبر «اصدقاء» مشتركين، ودون ان تتكفل عناء التواصل معه، لابلاغه ان واشنطن «مستاءة» من ردود الفعل «الخجولة» من حلفائها في بيروت، وشككت في «نوايا» «معراب» بسؤالها عن سبب عدم اعطاء التعليمات لوزراء القوات اللبنانية باثارة هذا الملف على طاولة جلسة مجلس الوزراء الاخيرة؟

وقد تحدثت المصادر في 8 اذار عن ضغوط مماثلة حصلت على الرئيس الحريري، لكنها اشارت الى وجود «نضوج» مستجد عن رئيس الحكومة وفريقه السياسي ادى الى مقاربة «موضوعية» لهذا الملف كما سائر الملفات «العالقة» مع حزب الله، فالحريري الذي لا يريد ان يتجاوز «التصادم» مع الحزب حدود «الشعار» الانتخابي، يرغب في «النأي» بنفسه عن المواجهة المحتدمة في المنطقة بين السعودية وايران وبين واشنطن وطهران، ولم يعد يرغب بان يكون «اداة» تنفيذية في مواجهة تتجاوز قدرته واحتماله، وهو لذلك تجنب الخوض حتى الان في اي سجال حيال «معادلة» نصرالله الردعية رغم الحاح الاميركيين.

ووفقا لتلك المصادر، ابلغ بعض الاصدقاء المشتركين الذين يدورون في «الفلك» الاميركي، رئيس الحكومة، بأن الولايات المتحدة عرضت على طهران مؤخرا إجراء مباحثات مباشرة بينهما، واقترحوا بحث جميع الخلافات، في بلد محايد ولا مانع ان يكون سلطنة عمان، لكن الايرانيين اشترطوا التزاما اميركيا مسبقا بتنفيذ الاتفاق النووي قبل «الجلوس» على الطاولة»… وبعيدا عن صوابية هذه المعلومة او خطئها، فقد اتخذها الحريري ذريعة لتأكيد موقفه الرافض التحول مجددا الى «صندوق للبريد»، مؤكدا مرة جديدة امام «حلقته الضيقة» ان «اللعبة» «اكبر منه» وانتظام العمل السياسي بما فيها عودته الى رئاسة الحكومة لا يتم الا بالقبول بمنطق «التسوية» «والمساكنة» مع حزب الله خصوصا ان  المجلس النيابي المقبل سيكون «مختل» التوازن.

هذا التباين في «الروىء» بين حلفاء الامس، اسماه جعجع بالخلل الذي اصاب «رأس الهرم» في قوى 14آذار، لكنه برأي تلك المصادر، اكبر من ازمة عابرة، وهو ما ينعكس على ارض الواقع تخبطا في التحالفات الانتخابية، «والحكيم» الذي خسر «المستقبل» ولم ينجح في كسب التيار الوطني الحر، يبدو وحيدا في معركته، ليس لانه مقتنع بربحها، فكل المعطيات تشير الى ان إضعاف «حزب الله» بعد الانتخابات تبدو مجرد اوهام، لكنه لا يملك اي خيار غير الاستمرار في قتال «طواحين الهواء» لان الوقوف في وجه الحزب تبقى «ورقته» الوحيدة لتقديم «اوراق الاعتماد» الاقليمية والدولية.