Site icon IMLebanon

الانتقادات التي تعرّض لها البيان الوزاري تصعّب مهمة حكومة الوحدة الوطنية

 

الانتقادات التي تعرّض لها البيان الوزاري تصعّب مهمة حكومة الوحدة الوطنية

والسؤال المطروح بعد الثقة: من أين تبدأ بالإصلاح وما هي الأولويات؟

 

الأمل لا يزال ضعيفاً في ان تكون الحكومة الجديدة على مستوى التحديات لاعتبارات أبرزها التناقضات النافرة داخلها

تخرج حكومة الوحدة الوطنية من جلسات الثقة وهي منهكة بالانتقادات الكثيرة التي ساقها النواب الموالون قبل المعارضين على اقليتهم، لكنها في الوقت نفسه تتمتع بثقة نيابية عالية فرضتها التحالفات التي أدّت إلى تأليفها وفق ما بات معروفاً، ويؤمل ان تحفزها تلك الانتقادات لتحقيق بعض ما وعدت به في بيانها الوزاري، لا سيما البنود المتعلقة بالاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والبنيوية التي انهكتها الخلافات المستحكمة بين فرقائها الذين يؤلفون حكومة الوحدة الوطنية، مما يخفف من حدة الانتقادات التي تعرّضت لها خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري من معظم النواب الذين تسنى لهم في جلسات الهيئة العامة مناقشة البيان الوزاري وما تضمنه من تعهدات ووعود بتحقيق ما ورد في البيان من تعهدات أو وعود وما شابه ذلك.

ومن باب أولى ان تأخذ حكومة الوحدة الوطنية بالملاحظات التي ادلى بها النواب الذين ناقشوا البيان، وتعطي الأولوية لبند محاربة الفساد واجتثاثه من جسم الدولة المترهل لتنطلق بعد ذلك إلى بناء الدولة الحديثة التي توفّر للبنانيين سبل العيش الكريم بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الطائفية، وبذلك تكون بحق حكومة الوحدة الوطنية.

الا ان الأمل لا يزال ضعيفاً في ان تكون على مستوى التحديات التي تنتظرها لاعتبارات كثيرة، لعل أبرزها التناقضات النافرة داخلها، والتي تستعيد حال الحكومة السابقة عندما ارادت التصدّي للحالة المزرية داخل الدولة من باب تحقيق بعض الإصلاحات البنيوية، وربما هذا الواقع كان وراء إقدام الرئيس نبيه برّي على رفع ورقة وفاة الدولة رداً منه على الانتقادات الكثيرة التي سمعها من النواب، مع العلم ان رئيس المجلس هو أحد حراس الهيكل ومن الذين يتحملون ما آلت إليه أمور الدولة من موقعه كرئيس للسلطة الاشتراعية منذ أكثر من ربع قرن. وما كان الرئيس برّي ليعلن ذلك، لو لم يكن قد فقد الأمل بقدرة حكومة الوحدة الوطنية على إصلاح الوضع الذي اوصل الدولة إلى ما وصلت إليه من ترد وانهيار على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمالية.

وهنا تواجه حكومة الوحدة الوطنية السؤال الأكثر دقة، ألا وهو من أين تبدأ في العمل ما دامت تؤكد على استعدادها التام لإقامة ورشة عمل دائمة؟ والجواب الطبيعي الذي عبّرت عنه الملاحظات التي أدلى بها النواب هو، كما قلنا سابقاً، من محاربة الفساد، ويبقى ان تجيب هي بنفسها كيف تكون محاربة الفساد، وقد سمعت من بعض النواب الجواب الشافي وهو ان الفساد يجب محاربته من الرأس إلى القاعدة، وليس العكس، لأن ممارسات القاعدة هي انعكاس لممارسات الرأي أي الطبقة السياسية التي حكمت البلاد منذ عشرات السنين، وكان من نتيجة هذا الحكم ان وصلت الدولة إلى الحالة الراهنة من تردٍ في كل المجالات ذات الصلة بالحياة العامة، فهل تبدأ هذه الطبقة بنفسها أولاً لتشمل بعد ذلك القاعدة؟ ان كل المؤشرات تدل على عكس ذلك، وبذلك يصبح الأمل المعقود من البعض على حكومة الوحدة الوطنية ضعيفاً على الرغم من كل التعهدات التي أطلقتها في بيانها الوزاري وعلى رغم حرص الذين  تعاونوا على تشكيلها على تسميتها بحكومة إلى العمل، حتى لا تفقد الطبقة السياسية فرصتها الأخيرة على حدّ التعبير الذي استخدمه رئيسها غداة صدور مراسيم التأليف. الا انه وبالرغم من تلك الصورة السوداوية التي رسمتها الانتقادات التي وجهها النواب إلى الحكومة لا تزال هناك بارقة أمل عبّرت عنها الحركة الدولية باتجاه لبنان غداة التأليف، والتي تعبّر عن ارتياح المجتمع الدولي للحكومة الجديدة، واستعداده لتقديم العون لهذا البلد لكي يحافظ على وجوده من خلال حكومة الوحدة الوطنية شرط ان تستجيب لمتطلبات هذا المجتمع وفي مقدمها الإصلاحات البنيوية اللازمة لقيام الدولة العادلة والقادرة على الاستجابة لمطالب شعبها، ومن هذا المنطلق يصبح الرهان على النجاح ممكناً، الا إذا كانت التناقضات الموجودة داخلها ستشكل حائلاً دون قيامها حتى بالحد الأدنى مما هو مطلوب منها.