IMLebanon

عبور الفتنة … إلى القارات!

يشتبه كثيرون في ما يعتقدونه ” مؤامرة ” لفكفكة بقايا المؤسسات الدستورية اللبنانية وزعزعة الاستقرار الأمني تحت جنح الهدنة القائمة في سوريا ، وذلك “لمستلزمات” تهيئة لبنان لحصاد التقسيم أو الفدرلة. والمفارقة التي تصاحب هذا الاشتباه هي ان احدا لا يمكنه تسفيهه لا من جانب مشهد لبناني عليل مهرول في انحدارات سحيقة تتهدد كل شيء، ولا من جانب البراكين الاقليمية الملتهبة التي سيجري على نارها الاحتفال بمرور مئة عام على اتفاقية سايكس – بيكو في ايار المقبل، فيما تتنازع المنطقة التي استولدتها الاتفاقية حرب خرائط وهويات ومصائر ومجازر انسانية وحضارية تتفوق على النازية . مع ذلك تستحق مسألة المؤامرة اثارة بعض التساؤلات والحقائق التي غالبا ما تحجب عن أبصار اللبنانيين لابقائهم حيث يراد لهم ان يقبعوا مخدوعين .

ماذا يعني عدم انفجار لبنان في فتنة كان يخطط لها النظام السوري منذ انكشاف مخطط ميشال سماحة وعلي المملوك، كما فشلت التفجيرات المتعاقبة التي ضربت لبنان منذ اندلاع الحرب في سوريا ؟ خلاصة واحدة هي ان لا نجاح لمؤامرة الا من خلال وجود قرار طوعي داخلي، ولا تشتعل حرب الا بارادة “راقصَين”، وهو الامر الايجابي الذي يكاد يكون يتيماً في واقع لبنان الحالي.

في المقابل ترانا نتخوف اكثر من اي وقت مضى ان يغدو لبنان محاصرا بعزلة دولية وعربية لا سابقة لها حتى في حقبة الثمانينات حين اطلق وزير الخارجية الاميركي الاسبق جورج شولتز تسمية “الكرنتينا ” على لبنان في عز اجراءات العزل الاميركية. فمع انه لا يمكن انكار شعور اللبنانيين بمرارة تلقي العقاب الخليجي الجماعي بالوكالة عن “حزب الله”، ليس ثمة ذرة منطق تبرر للحزب تصعيد الهجمة الاعلامية بهذه الوتيرة التي تغدو اشبه باسترهان لبنان واللبنانيين ووضعهم متراساً في مواجهة لن تؤدي الى انهيار آخر معالم العافية الاقتصادية في لبنان المعتل الواقف عند حافة الهاوية. نتساءل كما الكثيرين ممن يعلنونها علنا جهارا او يصمتون مع اهل الكهف: ماذا تراه يفيد لبنان واي فريق واي جهة فيه استعراض سجل التدخلات “العالمية الكونية” لـ “حزب الله” من البوسنة الى اليمن والعراق وسوريا ودول الخليج نفسها سوى استجرار مزيد من العزلة للبنان؟ الا يشكل ذلك تسويغا كاملا لكل المنطق الخليجي والعربي والغربي الذي ينذر باسقاط آخر شعرة من شعرات الفصل بين لبنان الدولة والمجتمع و”دولة حزب الله”؟ وكيف يستوي الكلام هنا تحديدا عن “مؤامرة”؟ وكيف يمكن اسقاط مؤامرة الفتنة بنجاح حيث لا مصلحة للحزب ولا لاي فريق داخلي آخر واتباع منطق مخالف عبر الحروب المفتوحة العابرة للقارات التي يخوضها الحزب كمقاتل عالمي وليس اقليمياً فقط؟